أقلام حرة

ضياء محسن الاسدي: الإنسان بين الذنب والسيئة

أولا علينا أن نبين معنى كلمة الذنب فقد وردت في عدة معاني منها (الإثم والمعصية والجُرم) التي يرتكبها الإنسان في حق الله تعالى تاركا واجبات التي كُلف بها من قبل الله تعالى أما في القرآن الكريم فقد دلت على الفعل الذي يخالف أوامر الله تعالى ويستحق عليه العقاب فقد وردت ب(11) مرة بصيغة المفرد الفعل والجمع حوالي (26)مرة (ومن يغفر الذنوب إلا الله) آل عمران 135 ومن معانيها (الجُرم) كما قال تعالى (فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين) الروم 47 وجاءت كذلك (الخطيئة) المقصودة المتعمدة أما التعريف القانوني في الحياة المدنية فهي الجريمة حيث ربط الله تعالى مغفرته للإنسان مخصوصة له بحسب علاقة العبد بربه وهو الوحيد الذي له الحق في معاقبته أو العفو عنه كما قال تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله أن الله يغفر الذنوب جميعا أنه هو الغفور الرحيم) الزمر 53 وكذلك (ربنا أغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار)آل عمران 193 أن الذنوب محصورة بالشعائر التعبدية للواحد الأحد التي فرضها الله تعالى على الإنسان في حياته والتي تربطه بالله سبحانه منها الصوم والصلاة والزكاة والحج وجميع المحرمات التي حرمها تعالى على الإنسان .

أما السيئة فهي التقصير بحق العباد ومعاملة الناس بعضهم لبعض من خلال الجور والظلم والسرقة والقتل وتفضيل المال الحرام والتعدي على حرمات المجتمع والأعمال الخبيثة وفعل المنكر والغيبة التي يحذر الله تعالى الناس منها دوما لأنها تؤثر على العلاقات الإنسانية بين الناس وتلقي بظلالها على تفريق وزرع الكراهية وتشيع الفاحشة في المجتمع وتهدم بنائه وأن كل هذه الأعمال المنافية للإنسانية والأخلاق تقع في دائرة العمل السيئ والخطايا والمعاصي التي نهى الله تعالى عن ممارستها والعمل بسلوكياتها الاجتماعية التي تربط الإنسان مع بني جنسه ومجتمعه فأن كل الآثام وأعمال المنكر والمنافية لفطرة الإنسان وعقله السليم التي تسبب الابتعاد عن السعادة في الدنيا والوقوع في المحظورات والفواحش والفسوق والأجرام تؤثر بدورها في أبعاد الإنسان عن طاعة الله ,

أن الذين يتوبون عنها يستوجب عليهم الكفارة والمصالحة وإبراء الذمة من ظالميهم قبل فوات الأوان والرجوع إلى عمل الصالح والحسن في المجتمعات لتنظيم ضوابط  روابط المجتمع وتشذيب سلوكيات أفراده (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل أن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) هود 114 وكذلك (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) الأنعام 160 وكذلك(ما أصابك من سيئة فمن نفسك)النساء 79 فالكفارة هي تزكية النفوس البشرية المسيئة وطهارتها من عملها وفعلها المضر بالمجتمع في الدنيا و(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) .ومن هنا وجب على الإنسان المتدبر والمتفكر الذي يسعى الوصول إلى التكامل الأخلاقي في حياته ضمن مجتمعه الاعتذار من الله تعالى ويطلب منه الصفح والمغفرة من كل الخطايا والمعاصي والتقصير بحق الإنسانية والمجتمع والشعائر التعبدية والاعتراف بوحدانية الله تعالى لنيل رحمته التي وسعت كل شيء وعفوه سبق غضبه لعباده المخلصين التائبين (ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون) الجاثية 15 لتفعيل الرابط المتين بين العبد وربه الله تعالى.

***

ضياء محسن الاسدي

في المثقف اليوم