أقلام حرة
صادق السامرائي: الوظائف والمخاوف!!
الدول القوية لا ترتكز على الوظائف في تفاعلاتها مع المواطنين، بل تعتمد على دعم الطاقات الفردية القادرة على إنشاء المشاريع اللازمة لتوفير فرص عمل ذات قيمة إقتصادية وإبداعية أصيلة.
والبشرية في مسيرتها تعتمد على النشاطات التي يقوم بها الأفراد، فلكل منهم حرفته التي تساهم في رفد الإقتصاد الوطني وبناء القوة اللازمة للحياة الحرة الكريمة.
البشرية في تطورها لم تعتمد على الوظائف أولا، بل أن العقول المتفاعلة فيها أوجدت ميادين للجد والإجتهاد، والإتيان بالمبتكرات والأفكار الجديرة بالإستثمار.
فلو نظرنا لواقعنا المعاصر لظهر لنا أن النشاطات الفردية أوجدت مسارات جديدة، وأشرعت أبواب العمل والجد والإجتهاد، ولم تكن ناجمة عن وظيفة ما في دائرة حكومية.
إن بعض المجتمعات تتوهم أنها قادرة على إستيعاب الأجيال الوافدة في وظائف، وبسبب عجزها تحاول التخلص منهم بأساليب عدوانية، أسهلها أن تزجهم في حروب متنوعة التوجهات والشعارات المضللة.
ولا توجد دولة في الدنيا قادرة على إستيعاب الأجيال في وظائف، بل لابد للأجيال أن تشق طريقها وتتعلم مهارات حِرفية، وتدير نشاطات إقتصادية ذات آليات لضم بعضها في تيار الإنتاج النوعي المتميز، الذي يخدم الإرادة الوطنية ويعزز إمكانيات التناقس ومواجهة التحديات.
فهل ستستطيع بعض أنظمة الحكم التحرر من نفق التفكير الوظيفي، وتفسح المجال للطاقات الوافدة أن تمارس ما تسعى إليه، بتوفير الظروف الملائمة والدعم المادي والمعنوي، لكي يتحرروا من الإستعباد بالوظيفة، ويصنعوا أعمالهم ولا يتوسلون الآخرين لتوظيفهم.
التوظيف عجز إقتصادي، لأن الموظف لا ينتج بقدر ما يستهلك ويبدد، وتكون الحصيلة أن الدولة عبارة عن مُرضعة لأجيال تحسبهم دون سن الرشد بكثير، فالموظف ربما تكون له حقوق أكثر من الواجبات، والدولة ستجد نفسها ذات يوم غير قادرة على الإيفاء بحقوقه، وكأنه أصبح عالة عليها.
وظائفهم تعطلُ مُرتقاهمْ
وتمْنعُ أنْ تسيرَ بها خطاهمْ
تحرّرْ أيّها المَرهونُ فيها
وعاقرْ فكرةُ نهرتْ رؤاهمْ
عبيدُ وظيفةٍ أرقامُ مَحقٍ
فكنْ عَلماً يُباري مُحتواهمْ
***
د. صادق السامرائي






