أقلام حرة
صادق السامرائي: أرقام وآلام!!

ما أرخص البشر، وأسهل قتله بالجملة وبالمفرد، وحرمانه من أبسط حقوق الحياة وأسباب العيش الرحيم.
فالملاحظ أن القتل أصبح أمرا عاديا واعتادت عليه المسامع في المجتمعات الحرة التي ترفع رايات حقوق الإنسان.
فما أوفر السلاح الشخصي والجماعي بمدافعه وقنابله وصواريخه ومسيراته ووسائله الإبادية المرعبة.
ويتوارد في وسائل الإعلام المتنوعة ذكر الأعداد، وكأن البشر أرقام وحسب، فيذكرون مات ألف أو عشرة آلاف، وطمرتهم بيوتهم ومحقت عوائل بكاملها في مساكنها، واعتادت المسامع على هذه الجرائم البشعة، وبالتكرار الممل صار الناس يسمعونها وكأنهم يسمعون خبرا لا قيمة له.
ومما نغفله، أن ما يحصل هو إعداد نفسي وتأهيل للرأي العام لتقبل المآسي التي ستأتي، فعندما ينتشر خبر مقتل مئات الآلاف بضربة هنا أو هناك، يتقبلها البشر الأحياء، ويتناسون بأنهم على طريق الإفناء.
وهذا يعني أن البشرية تسير نحو الهاوية، والحرب العالمية المروعة تقرع أجراسها.
الأرض تميز غضبا، فالمخلوقات أثقلت كاهلها، وتخشى أن يتعثر دورانها، وتستباح عناصر الحياة على ظهرها، وكأن الذي جاء منها يسعى للإنتقام من وجودها، ويرغب بتحويلها إلى هباء منثور، تتنعم به الأجرام الأخرى وتستعيد مسيرتها الحامية.
التنور الدوار يتم تحضيره للإنسجار، ولات ذات مندم إذا فار التنور، وتكاثف دخان الويلات، فتختنق الصدور، ويموت البشر المدحور.
الكثرة ستغيب والقلة ستصيب، فالحياة أعلنت الممات، والدنيا يمتلكها العتاة، ويقرر مصير خلقها الطغاة، والمجانين القساة، وما أسعد النوائب بالغفاة.
الحلم فات وانخذل، وسبق السيف العذل، فانتصر هُبل!!
تؤهّلنا النوائبُ للوجيعِ
وتعلمنا بمأثمةِ الفظيعِ
جموعُ الخلق من حقدٍ أبيدتْ
مغيبةً بأوعيةِ الفجيعِ
برايا من عناصرها تنامتْ
فعانتْ من عطاءاتِ البديعِ
***
د. صادق السامرائي