أقلام حرة
ناجي ظاهر: متبطّلون يُضجرهم الجمال

يستفزّني أولئك المتبطلون المتفلّسفون الذين تعج بهم وسائل الاتصال الاجتماعي، أكثر ما يستفزونني، عندما يعثرون على صورة جديدة لهذا الفنان او تلك الفنانة، وقد اخذ الكبر منه مأخذه الذي لا بُدّ له من ان يحصل مع كل واحد منا نحن بني البشر، فتراهم وقد بادروا الى نشر ما حصلوا عليه من "غنيمة"، عادة ما يكون مصدرُها صحفي فاشل او مصوّر مرتزق يريد ان يسجّل سبقًا صوريًا بملاحقته هذا الفنان او تلك الفنانة كما سلف.
حصل هذا في السنوات الأخيرة مع الكثيرين من مجموعات وسائل الاتصال الاجتماعي ومتابعيها، وقد رأينا مَن يعثر مثلًا على صورة جديدة لفتى السينما المصرية في فترات سابقة، واقصد به احمد رمزي، كما حدث مثلا أيضا، عندما عثر بعضهم على صورة للفنانة المغنية الراقية المعروفة بإثرائها المشهود له في مجال الغناء العربي الحديث واذكّر بها الفنانة المصرية نجاة الصغيرة. ما نقوله عن ذاك وتلك انطبق على الكثيرين من الفنانين، الذين اعتقد انه توجد في ذاكرة الكثيرين من الاخوة القراء أسماء وصور لهم. ما حدث هو ان أولئك المتبطّلين، ما إن حصلوا على " غنائمهم"، هذه من الصور المختلسة في العادة، حتى سارعوا الى وسائل الاتصال الاجتماعي، خاصة الفيس بوك والتوكتوك، ونشروا هذه الصور، مرّة مرفقة مع صورة مَن نشروا صورته من أيام العز والشباب، او معلّقين بنوع من السخرية الجارحة، او الشماتة المقيتة، انظروا الى كيف اصبح شكل احمد رمزي، او تمعّنوا في صورة نجاة الصغيرة كيف باتت عجوزا مُسنّة وما إلى هذا من كلام جارح، كان يُفضّل الاستغناء عنه وترك عربة الحياة تواصل انطلاقتها على ما تواصَل مِن مسارات ومسالك ابتدأت مُثرية وغنية.. ولا.. بد لها من ان تواصل حاملة ماضيها الجميل ومنطوية عليه دون أي ازعاج من أي من الناس.
المؤسف ان العثور على صورة فنان او فنانة، وأنا اتقصّد هذا التفصيل، إذ أنه كان بإمكاني ان اعبّر عمّا أود قوله بدون تفصيل مُخلٍّ لغويًا، اذ ان العربية تشمل الذكر والانثى بصورة عامة عندما نشير الى المذكّر، أقول المؤسف، تبعا لما نقوله، ان البحث عن الصور الجديدة لفناني وفنانات الزمن الماضي الجميل، بات هما حقيقيا وربّما مصدر ارتزاق للعديدين من نهّازي الفرص ومقتنصي لُبابها، فتراهم، او تشعر بهم بالأحرى، وقد امتشقوا كاميراتهم وراحوا يلاحقون هذا الفنان او تلك الفنانة، ممن كبروا، في هذه الزاوية او تلك المدينة، وربّما الدولة ليلتقطوا لهم صورة ويقوموا بنشرها في وسائل الاتصال الاجتماعي، التي جنوا بها، معتبرينها فضحية، نعم هذا تعبير اذكر ان بعضهم استعمله، وناشرين إياه، كي يرى متابعو وسائل الاتصال الاجتماعي الصورة الجديدة لهذا العجوز او تلك المسنة من الفنانين وقد فقد يناعته ونضارته، بعد ان تألق كلّ منهم، وشغل الدنيا والناس في فترة ماضية!
بالعودة الى ما ذكرته في البداية عما يتسبب فيه أولئك المشار إليهم وليس الجميع بالطبع، اضيف ان هؤلاء يستفزونني، واعتقد انهم يستفزون الكثيرين من امثالي، بما يعلنونه من صور من بلغ من العمر عتيا من الفنانين، مرفقا بكلمات جارحة حافلة بالشماتة وكأنما هم مخلدون لن يشيخوا وسيبقون شبابا الى ابد الابدين. لذا أقول لهم. مهلا أيها الاخوة.. مهلًا.. ولو كنت مكانكم، لاحتفظت بالصورة الأولى لهذا الفنان او تلك الفنانة، تلك الصورة الضاجّة بكل ما هو جميل وانساني ومفرح، تاركا كلا من الناس، سواء كانوا فنانين او حتى أناسا عاديين، لحياته الخاصة، ولهمومه التي وقفت وراءها امجاد لا تنسى.
***
ناجي ظاهر