أقلام حرة
رُبى رباعي: أفق التواصل الرقمي

بين ثمرات الشبكات الاجتماعية ورحابة الإنترنت
في عالم يزداد ترابطًا كل يوم، تحولت الشبكات الاجتماعية والإنترنت من مجرد أدوات تكنولوجية إلى عصب الحياة اليومية. لم يعد الأمر يقتصر على الترفيه أو التواصل، بل باتت هذه الوسائل تُشكل ملامح مجتمعاتنا، وتؤثر في وعينا، وعلاقاتنا، وحتى فرصنا المهنية والتعليمية. لكن، وسط هذا الزخم، يبرز سؤال جوهري: هل نعيش ثورة تواصلية مفيدة، أم أننا نغرق في عالم رقمي يفوق قدرتنا على السيطرة؟
ثمار لا تُنكر: بين تعزيز العلاقات ونشر المعرفة
من أبرز إيجابيات الشبكات الاجتماعية أنها جعلت التواصل فوريًا وسهلًا، مهما بعدت المسافات. أصبح بإمكان أي شخص أن يتحدث إلى أحبائه في اللحظة ذاتها، وأن يشاركهم لحظاتهم وأفكاره بكبسة زر.
إضافة إلى ذلك، ساهمت هذه المنصات في نشر الوعي والمعرفة، حيث تحولت إلى منابر حرة للتعبير وتبادل المعلومات، بل وأصبحت أداة قوية في الحملات المجتمعية وقضايا التغيير.
ولم تتوقف الفائدة هنا، بل امتدت إلى المجال المهني. فالعديد من المستخدمين وجدوا في هذه الشبكات فرصًا للعمل، والتسويق، وبناء شبكة علاقات مهنية لا تقدر بثمن.
الإنترنت... عالم بلا جدران
أما الإنترنت، فهو مكتبة مفتوحة بلا أبواب ولا حدود. ملايين الصفحات والمصادر متاحة لكل من يبحث عن المعرفة، في مختلف المجالات واللغات. التعليم عبر الإنترنت، على سبيل المثال، لم يعد ترفًا، بل أصبح وسيلة ضرورية للكثيرين، خاصة في المناطق النائية والظروف الاستثنائية.
كما بات الإنترنت مساحة للتفاعل والمشاركة في مجتمعات افتراضية، تشكّل أحيانًا مصدر دعم نفسي أو اجتماعي، وتعزز الإحساس بالانتماء، حتى لمن يشعر بالعزلة في محيطه الواقعي.
الوجه الآخر: تحديات العصر الرقمي
رغم كل تلك الإيجابيات، لا يخلو الأفق الرقمي من الغيوم. فالإدمان الرقمي بات ظاهرة مقلقة، تؤثر في الصحة النفسية والجسدية، خاصة بين الشباب والمراهقين.
يُضاف إلى ذلك خطر فقدان الخصوصية، حيث يمكن أن تُستغل المعلومات الشخصية بطرق غير مشروعة، ناهيك عن سرعة انتشار المعلومات المضللة التي قد تُحدث فوضى فكرية ومجتمعية.
مقارنة بين الشبكات الاجتماعية والإنترنت
التواصل فوري واجتماعي رسمي أو غير فوري عبر البريد وغيره
المحتوى تفاعلي وآني ثابت وغني بالمراجع والمصادر
الخصوصية تتفاوت حسب المنصة قابلة للتحكم بشكل موسع
المخاطر إدمان، شائعات، تنمر فيروسات، تهديدات أمنية
آراء من الواقع: بين الطب والتعليم
في حوار مع مختص في علم النفس، أشار إلى أن "الاستخدام المفرط للإنترنت قد يؤدي إلى اضطرابات مثل القلق والاكتئاب، لا سيما عند غياب التوازن بين العالم الواقعي والافتراضي."
أما أحد المعلمين، فأوضح أن "التعليم الرقمي أتاح فرصًا واسعة، لكنه بحاجة إلى دعم تقني قوي وتدريب للطلاب والمعلمين على حد سواء."
دراسات وشواهد داعمة
بحسب دراسة نشرتها مجلة بحوث كلية الآداب – جامعة المنوفية، فإن الشبكات الاجتماعية "تلعب دورًا كبيرًا في التوعية بقضايا التنمية المجتمعية". كما أشار تقرير صادر عن مكتبات المستقبل إلى أن "المكتبات الذكية" باتت جزءًا أساسيًا من منظومة التحول الرقمي في مجال التعليم والمعلومات.
لعل التحدي الحقيقي لا يكمن في هذه الوسائل نفسها، بل في كيفية استخدامها. ومن هنا تبرز التوصيات:
تحقيق التوازن بين الحياة الرقمية والواقعية.
رفع الوعي الرقمي لحماية الخصوصية والتمييز بين الحقيقة والمحتوى المضلل.
استثمار الإنترنت في التعلم المستمر والتطوير المهني.
في الختام...
يمثل "أفق التواصل الرقمي" مسارًا مزدوجًا: فهو عالم من الفرص اللامحدودة، لكنه يحمل في طياته تحديات معقدة. بين ثمار الشبكات الاجتماعية ورحابة الإنترنت، يبقى الاستخدام الواعي هو مفتاح الاستفادة، والخط الفاصل بين التقدم والانزلاق في دوامة رقمية لا قرار لها.
***
بقلم: رُبى رباعي – الأردن