أقلام حرة
صادق السامرائي: التأريخ بين الدعائي والواقعي!!

"ما زلزلت مصر من كيد ألمّ بها
لكنها رقصت من عدلكم طربا"
هذا بيت شعر يختصر تفاعل الحافين من حول الكراسي مع سيدها، ويمثل آليات التكسب والمديح الكاذب، والتصوير الباذخ بالكلمات لحالات متخيلة لا وجود لها في سلوك الشخص المعني.
معظم المدونات لا تصف بشرا واقعيا وإنما متصوَّرا، ومركونا في فضاءات الخيال، وممتطيا صهوة المستحيل الأرضي، لكنها بالتكرار تتحول إلى حقائق راسخة وكينونات ذات تأثير رومانتيكي في وعي الأجيال.
ولهذا أصبح التأريخ في أكوان أبعد من نجمة الزهرة، ونحن نمشي فوق جرم سماوي مرتعب، يخشى التوقف لثوان عن الدوران، فما أقل القدوات الحقيقية في مسيرة الأمة، وما أكثر المتخيلة منها.
فهل حقا كان السلاطين كما وصفتهم كتب التأريخ؟
"قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد........"
فكيف نخرج السلاطين من بشريتهم؟
يبدو أنها نزعة تدفع إلى الإذعان لما هو غير بشري وفقا للتصور والإعتقاد، وما أكثر الأنبياء الذين قتلوا أو قست عليهم أقوامهم، لأنهم بشر يسعى بينهم، فكيف يجوز إضفاء توصيفات مقدسة عليهم، وهم يأكلون ويشربون ويقضون حاجاتهم كأي البشر.
ومن الواضح أن التأريخ لا يكتب في حينه، بل بعد فترة قد تطول أو تقصر، وبهذا يكون للتصور والتخيل والمواقف الشخصية والرؤى الأخرى تأثيراتها الأكيدة على المدوَّن.
فكيف تتم قراءة التاريخ، وهل يجوز تصديق غثه وسمينه؟
***
دوّنوا فيها كثيراً إنهمْ
وضعوا رأيا تنامى عندهمْ
فقرأنا ما أتانا جاهزاً
وأرانا قد قرأنا فكرهمْ
دارتِ الدنيا ودامتْ علةٌ
فاحترقنا وذُكانا قولهمْ
***
د. صادق السامرائي