أقلام حرة

صادق السامرائي: هل ينفع الندم؟!!

يشاركون في صناعة المصيبة ويطبلون لها، وعندما يتبين الخيط الأبيض من الأسود يسارعون بالندم ولوم أنفسهم، وكأنهم يعبرون عن سلوكيات شهيد الغضب، التي يستخدمها الطغاة فالسيف دوما يسبق العذل.

والندم شعور نفسي يظهر عندما يدرك الإنسان أنه إتخذ قرارا خاطئا أو تصرف بطريقة لا ترضيه لاحقا، ويرتبط بالحزن والخيبة، وجلد الذات والقلق والإكتئاب.

وما أكثر الذين إرتكبوا الخطايا في مجتمعاتنا وتسربلوا بالندم فيما بعد، وخصوصا المدعوّن بالساسة، والمتمسكون بكراسي السلطة، فأكثرهم يفترسهم الندم، منذ تأسيس دول الأمة وحتى اليوم.

والعلة الأساسية في إرتكاب السلوكيات المؤدية للندم، هو نزق الفردية، فلا توجد قرارات منطلقة من تفاعل عقول وطنية، بل هي الأنانية ونكران الوطن والمواطنين، والتحدث بلغة أنا أدري والجميع يجهلون، ومَن في الكرسي أعرف من الذين حوله وبعيدين عنه.

الدول تديرها مؤسسات ومراكز بحوث وعقول متفاعلة، فالسابق يتواصل مع اللاحق، ويبدي رأيه ويسكب ما في أوعية خبرته، فالغاية واحدة خلاصتها عز الوطن والمواطنين، فالمناصب تتبدل والمتمترسون في الكراسي يرحلون، ويبقى الوطن، ويتواكب المواطنون.

قادة الدول المتقدمة متفائلون وفرحون وسعداء بما أنجزوه في فترة تسنمهم للمنصب، وعندنا يندمون ويحزنون ويتباكون على عدم فعلهم كذا وكذا، أو لفعلهم كذا وكذا، فالفرد مهما توهم القوة والمعرفة فهو قاصر وعاجز عن إتخاذ القرار الصائب المفيد.

الدول تقودها جمهرة عقول، والجالسون على الكراسي لسان حالها وحسب.

فإلى متى سيبقى سُراتنا يتوشحون عباءات الندم وينفثون الحسرات؟!!

نادمون، حائرون، عاجزون، في ظلامٍ وضلال يعمهون، كلما حان قرار ساد فردٌ لا يهون، وعلى الآفاق دمع ودماء وظنون، أوقدوا الشر بشرٍ وجنون، إنهم قادوا وبادوا وتواروا في سجون، سحلوهم، علقوهم، قتلوهم، فالخطايا يقظاتٌ وتراهم يجحدون!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم