أقلام حرة
علي حسين: البابا فرنسيس وعقدة ساكو

غاب البابا فرنسيس حاملاً معه أعلى مراتب الانسانية. ورث عن بلاده الارجنتين حب كرة القدم، والسعي لاشاعة السلام والمحبة بين الناس.. كلمة "الأمل" كانت آخر ما كتب البابا ونشرها قبل وفاته وقد وضعها عنوانا لمذكراته .
خورخي ماريو بيرغوليو الذي اطلق على نفسه اسم فرنسيس، المولود في العاصمة الأرجنتينية قبل 89 عاما، كان شغوفاً برقص التانغو، ومشجعاً متحمسا لكرة القدم. ما ان تولى كرسي البابوية حتى رسم درباً أخلاقياً قائلاً: " كم أودّ أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء".
يرحل البابا فرنسيس، الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه وعاش معه العالم كل يوم صورة من صور المحبة. الرجل الذي اقترب من التسعين، كان يحمل سنينهُ المتعبة ويحط الرحال في مخيم للمهاجرين في جزيرة ليسبوس اليونانية من أجل الدعوة إلى دمج أفضل للاجئين في أوروبا.. شاهدنا البابا وهو يتألم على معاناة الهاربين من بلدانهم. قال إن على العالم أن يعامل اللاجئين بإنسانية أكبر. ربما سيخرج علينا البعض، ممن يضربون كفاً بكف وهم يقرأون أن الرجل العجوز قطع مئات الكيلومترات لأنه يريد أن يواسي المساكين، في الوقت الذي يريد ساستنا أن يثبتوا للعالم أنهم أقوى من مشاهد العطف وأن لا مكان للضعف في هذه البلاد، فالبقاء للأقوى والذي يملك النفوذ والسلاح ومعه الأموال التي نهبت في وضح النهار.
رفع البابا صوته وصلواته للفقراء، وقال انهم "لا يبحثون عن الرفاه، بل عن الحياة". وكان يطالب الحكومات ان تتعامل مع شعوبها لا بلغة الارقام، وانما بلغة المحبة والانسانية، لم يكن البابا الراحل فرنسيس يوماً زائراً غريباً عن المنطقة، وعن الشرق الأوسط، بل كان يحمل في قلبه الحب لجميع شعوب العالم، ويحمل بلسانه لغة الحوار والعدالة التي يفهمها الجميع بمعزل عن اختلاف لغاتهم.
في بلاد الرافدين التي اصر قادتها الميامين على مصادرة بيوت المسيحيين ومطاردتهم وتسليم شؤونهم وامورهم الى "المناضل" ريان الكلداني، في هذه البلاد اخذ البعض يسخر من البابا ويتهمه بتشجيع الفسق والفجور، صفحات تنتمي لاحزاب دينية فشلت في ادارة العراق وساهمت في سرقة اخلام مواطنيه وقبلها ثرواتهم، وجدت في رحيل البابا ضالتها فطالبت بان لا نترحم عليه، كما طالبنا السيد ريان الكلداني ان لا نفرح بالكاردينال ساكو وان لا نعيش معه في الاوهام، بل قرر السيد ريان ان الحديث عن الكاردينال ساكو امر مرفوض "مرفوض يا ولدي"!!.
كان السيد ريان الكلداني، قد قرر من قبل أن يخرج بتظاهرات تسخر من الكاردينال وتشتمه وتطالب بطرده، مثلما قرر رئيس جمهوريتنا ذات يوم ان يعتبر الكاردينال ساكو موظفا في قصرة، فأمره بتهجيره من بغداد .
***
علي حسين