أقلام حرة
صادق السامرائي: هل تنفع الحروب؟!!

"وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
وما هو عنها بالحديث المرجّم"
التفاعل بالعضلات ما عاد يصلح في القرن الحادي والعشرين، وكذلك تبادل الخطابات، لأننا نعيش في عصر الثورات التكنولوجية المتسارعة بمعطياتها المذهلة، وبعض المجتمعات لا تزال متمسكة بالغابرات المادية والمعنوية، وتدس رؤوسها في رمال الماضيات، ولا تريد أن تواجه حاضرها وتتطلع لمستقبلها.
الحروب لا تنفع دولا متأخرة تكنولوجيا، وقاصرة دفاعيا، ومنشغلة بتعاطي التفاعلات التصارعية البينية المؤدية إلى مزيد من التداعيات والنكبات، وهي ترفع رايات أوهامها وتصرّح بشعارات هذياناتها، وتتصور أن الماضي يقودها والحاضر عدوها، والمستقبل يدمرها.
و"الحرب هي أن تلتهم الأرض لحوم البشر"، وما أبخس بشرنا، وما أسخانا وأقوانا عزما وتوثبا نحو حياض الموت السريع، ونحسب ذلك من معاني إنتصاراتنا الشماء، ونرى أن العالم يحسب لأخلاقنا وقيمنا أي إعتبار، ونحن نترنح في سوح الغاب.
الثقافة الموتية شائعة، والروح الإذعانية متواجدة، فالنصر معناه أن يموت المزيد من الأبرياء، وليفترس الأقوياء ما يفترسونه، ولتتناثر أشلاء الناس وتتهدم بيوتهم على رؤوسهم، لتتحول إلى مقابر جماعية لساكنيها، فهذا هو النصر المبين في عرفنا المستكين.
في مسيرتنا نبدو وكأننا الحمل الوديع المستسلم للمفترس المكشر عن أنيابه، والمتأهب بمخالبه للفتك والإلتهام.
والحرب تستعر في قلوب الناس وأفكارهم قبل أي فعل، ويكون الكلام فيها القادح اللازم لإستعارها.
"فإن النار بالعودين تذكى...وإن الحرب مبدؤها الكلام"، والحقيقة أن الحرب أوقدها الإستلاب.
الأقوياء يزدادون قوة وإقتدارا، والضعفاء يتدحرجون إلى ما وراء العصور، وكأنهم يأنسون بالتفاعل مع الحجر، ويمعنون في الإنطمار بالحفر، لأن المواجهة والتحدي ينابيع خطر.
فهل وجدتم أفظع من الغفلة وتعطيل العقول وقصر النظر؟!!
و"عصب الحرب المال"، وما أثرانا وأفقرنا، فمالنا منهوب، وجمعنا مغلوب، ولساننا معطوب، فتواردت الكروب، وأضحت الحقوق ذنوب، فمتى إلى رشدنا نثوب؟!!
***
د. صادق السامرائي