أقلام حرة

صادق السامرائي: التنوير والتأهيل!!

التنوير مصطلح يُقال أنه من مخلفات القرن الثامن عشر، وربما هو من منطلقات العصر العباسي الذهبي الذي بدأ في القرن الثاني الهجري، لكننا لا نزال نردده في واقعنا الثقافي وكأننا نأتي بجديد، ونغفل أنه إنتهى إلى غياهب كان، وتجاوزته الدنيا إلى المعارف العلمية والقدرات الإبتكارية الغير مسبوقة، وبتسارع مطلق، فتباغتنا بمخترعات تغير أساليب تواصلنا وآليات حياتنا.

وبسبب التمسك الجامد بما لا يتوافق وعصرنا، ما إستطاعت النخب أن تساهم في بناء الحاضر الجميل  والمستقبل المتطلع للأمام والأعلى.

وبرغم النشاطات الدائبة لرموز الأمة في محاولاتهم التنويرية، إلا أنهم عجزوا عن وضعها على سكة التقدم والرقاء، لأنهم أغفلوا كيفيات تأهيل الأجيال لتصل إلى أهدافها، وتحقق مطالبها المشروعة في الحياة الحرة الكريمة.

فمجتمعاتنا منوّرة أكثر من التنويريين أنفسهم، غير أنها ليست مؤهلة لترجمة أفكارها، وتعبيد طرقات مسيرتها بما يوصلها إلى ما تريد.

فالمطلوب التأهيل وليس التنوير!!

مجتمعاتنا غرقى في التنوير للحد الذي أخذت تلفظ أنفاسها، وتريد التعلق بقشة لتنقذها من الغرق المبيد.

فلماذا لا نعلمهم العوم بدلا من اللوم، ونمارس معهم مهارات السباحة الكفيلة بإيصالهم إلى الضفة الأخرى، بدلا من إلقاء الخطب الوعظية، وتأليف الكتب المزدحمة بالأفكار التعجيزية، والمشاريع المصابة بالسكتة الحضارية، ولأعلامها عشرات الكتب المرفوفة في أدراج النسيان.

الكل يتحدث عن الشعوب وبأنها السبب، والحقيقة العيب في نخبها، فهي التي تقودها إلى ما تريد، وما تجيده النخب التنظير والتأويل والتعليل والتفسير، وتحسب أنها تقود التغيير، وهي التي دون أن تدري تساهم بالتدمير.

فعندما تتغير النخب يتغير الشعب، فالجماعة بحاجة لقائد، وأنى يكون تكون، فروح الجماعة طاغية، وأصوات القيادة عاتية، فهل لنا بقائد رشيد؟!!

وهل نخبنا مؤهلة للحياة المعاصرة؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم