أقلام حرة

صادق السامرائي: غليان النفوس!!

عندما تغلي النفوس تتعطل الرؤوس، هكذا يبرهن لنا السلوك البشري، وحينما تحدث الثورات والتغيرات الدراماتيكية، تنطلق السلوكيات المتوافقة مع ما تأجج في الأعماق، وما تعتق فيها من دمامل وأقياح، فيكون السلوك متوجا بالعماء، ومعبرا عن تفاعلات شديدة الغباء.

ولا يختلف الناس في ذلك أيا كانوا، فالنفس البشرية واحدة وتحكمها ذات القوانين.

ولا يوجد مجتمع في الدنيا لم تحصل فيه سلوكيات التعبير عن الغليان النفسي.

أدرسوا مجتمعات الدنيا بأسرها، وستكتشفون ذات السلوك بتعبيرات مختلفة عن النفس وهي في أعلى درجات غليانها، وفقدانها لبوصلة الرشاد.

ولهذا ستأتيك الأخبار عن أحداث وتصرفات تتعجب منها، وأنت في واقع نفسي آخر، بينما هي كالبلسم للنفوس المقهورة المسحوقة المعذبة.

فلا تستغرب مما لم يكن بالحسبان، فالنفوس المتأججة، تنبثق فيها أمّارات سوء لا تعد ولا تحصى، ويعجز الخيال عن تصورها.

ولا يمكن القول بأن الهدوء والرحمة والسكينة سترافق نوازعها المفلوتة، ولا توجد قوة قادرة على ردعها، فهي كالقِدر الذي يفور وعليه أن يسكب ما فيه على الموقد.

وهكذا فأن أي حدث كبير يحتاج إلى وقت يتناسب طرديا مع معاناة أصحابه، لكي يستفيق المظلومون وتهدأ إرادة الإنتقام النابضة فيهم، ويستشعرون بأنهم إستوفوا حقوقهم النفسية والإعتبارية، وعندها سيواجهون أحوالهم بتصور جديد.

فالقول بالسلاسة والهدوء والحفاظ على السلامة العامة، أشبه بالهذيان والطرح الساذج الحصول.

فدع النيران تتأجج حتى تلتهم حطبها وتستحيل رمادا وعصفا مأكولا!!

***

د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم