أقلام حرة
صادق السامرائي: الإحتلال النفسي!!
يبدو أن بعض المجتمعات تعاني من الإحتلال النفسي من قبل قوى طامعة بها، وهو نوع من الإستعمار الناعم الذي يفضي إلى تحقيق الإحتلال العقلي المطلق، ويعني أن عناصر الهدف تحقق بتفاعلاتها القضاء على الهدف، فالطامع لا يخسر شيئا بل يربح كل شيئ!!
وتلعب وسائل الإعلام والنخب والأقلام دورها في تأمينه والتعبير عن تفاصيل مفرداته، وآلياته اللازمة لديمومة الإنقضاضات البينية والصراعات الذاتية، المؤدية إلى تدمير جوهر الهدف وكينونته المادية والفكرية والمعنوية، فيتحول إلى عصف مأكول.
وفي زمن التواصل البشري المباح، تحولت الصور والكلمات إلى أقوى سلاح، فما عاد للممنوع شأنا وقيمة، وذهبت البشرية إلى عالم بلا حدود.
ومن الواضح أن المجتمعات الضعيفة المتأخرة، هي الضحية الدسمة لأدوات الإحتلال النفسي، لتوفر عوامل الخلخلة والتفرقة القاضية بتآكل عناصر الهدف وإضعافها لبعضها، حتى تتهاوى في أحضان الطامعين الساعين لإفتراسها أجمعين.
فالدنيا تبدلت والبشر تغير والعقول إبتكرت ما يعجز عن إستحضاره الخيال المنفلت، وغدت الأرض بحجم شاشة الهاتف النقال.
ويمكن القول، أن أي دولة لا تتناسب أحوال مواطنيها مع ثرواتها وطاقاتها الحضارية، إنما تعاني من الإحتلال النفسي الذي يؤهلها للإنمحاق، والتغني بالمظلومية والتشكي والإعتماد على الآخرين في بقائها وتوفير طعامها.
فالدول الغنية ومواطنوها فقراء، على نخبها أن تفتش عن آليات الإحتلال النفسي الفاعلة فيها، وكيف يُستعبَد مواطنيها، يضخ رؤوسهم بالبهتان والضلال، وبالغابرات والمحال، حتى تجدهم يتبعون وينعقون ويقلدون، وبالسمع والطاعة يترنمون، وعلى بعضهم يتأسدون.
وهنا يستوجب العمل على تنمية الثقافة النفسية، وإستنهاض الوعي النفسي الجماهيري، لكي تتدرع المجتمعات بالواقيات من آفات الإحتلال النفسي الغاشم.
فهل لدينا القدرة على تطهير رؤوسنا من المدمرات؟!!
***
د. صادق السامرائي