أقلام حرة

ضياء محسن الاسدي: منهجية القرآن ووضوح البيان

هناك طرح على الساحة الإسلامية حول القرآن الكريم وكيفية فهم آياته عن طريق التفسير أو التأويل أو الشرح علما أن الله تعالى ذكر في كتابه آيات توضح فيها منهجية فهم القرآن منها (أنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) سورة يوسف 2 و(كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون) سورة فصلت 3 وكذلك (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) سورة النحل 89 و(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) وهذا التبيان الواضح والمعاصر والمتغير في كل عصر ومكان فقد أختلف رجال الدين في عصرنا الحاضر هل فهم القرآن يحتاج شرح أو تأويل أو تفسير لمعرفة ممارسة طقوس وشرائع وعقيدة ديننا الإسلامي لذا علينا معرفة كلتا الكلمتين 0 التأويل والتفسير) أولا .
معنى التأويل: هي إرجاع الشيء إلى أصله أو العودة إلى أصل الكلمة أو التحري عن أول الكلمة ومعناها ولا يعتمده إلا من أحاط بالحوادث والوقائع كون جذر الكلمة بالعربية هي (أول) وقد ذكرت هذه الكلمة (التأويل) في القرآن في عدة مواقع منها سورة يوسف ستة مرات وسورة الكهف مرتين والفرقان والنساء ويونس تبين من خلالها معرفة البعض من الناس أو المختارين من الله وبقدرته على أحاطتهم بالأمور الغيبية وإرجاعها إلى الأصل كما حدث مع يوسف وموسى والرجل الصالح عليهم السلام أو عن طريق النبي محمد عليه الصلاة وأفضل التسليم كما قال الله تعالى وعلى لسان نبيه (... منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) فالتأويل منوط بالله تعالى ومن الذين أختارهم الله لمحدودية علم الإنسان بوقائع والأحداث الغيبية ومعرفة أسرار الكون وعلومه .
معنى التفسير: فقد ذكرت في القرآن مرة واحدة حيث قال الحق (ولا يأتوك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا) الفرقان 33 ولو رجعنا إلى جذر الكلمة (فسر) أي أبان وكشف المغطى أو أظهر المعنى المعقول أو أخراج النص من حيز العبارة إلى اللغة العربية والأعراب لإيضاح وتبيان العلة من الكلمة أو النص لاستخراج الحكم والحكمة والدلالات والغايات وأسباب النزول وبيان مرادها أن معنى التفسير هو الأرجح من علم التأويل لمعرفة آيات القران الكريم ومرادها.
فمن خلال الثورة التنويرية الثقافية والفكرية خارج نطاق المنظومة الفكرية القديمة التي علاها غبار الزمن ومحدوديتها علينا أعادة صياغة التفسيرات القرآنية وآياته متعاضدين مع بعضنا البعض لمصلحة الدين والعقيدة الإسلامية وبتضافر الجهود للعقل الجمعي هو السبيل الوحيد لديمومة الفكر الإسلامي الصحيح وفسح المجال لكل متنور ومفكر من الجيل الجديد في وضع لمساته الفكرية على الساحة الإسلامية للخروج من قيود مئات المفسرين منذ أكثر من ألف وأربع مئة سنة مضت لكي لا نصبح أمة متكلة على عقول غيرها في البحث والتفكير والاستنباط حيث أصبحت عقولها جاهزة للعمل الفكري للخروج من قوقعة محدودية التفكير ومتقوقعة على نفسها مما جعلها فريسة للأفكار المنحرفة والضالة .وإلا كيف لأمة تعدادها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم تأخذ أصول دينها وأحكامه وحكمه وتعاليمه ومعرفة علومه من قبل حوالي قرن ونصف وما زالت فهل الخلل في النظرية أم أتباعها أكيدا في أتباعها لأنهم أضاعوا سبل المعرفة وأدواتها وحاربوها وقطعوا السبل للوصول إلى الحقيقة لمراد السماء والدين الإسلامي وكذلك الخلل عندما وصل الحال بهذه الأمة في احتكار مفاتيح الوصول إلى كيفية فك رموز طريقة دراسة وفهم معاني القرآن الكريم ولو كان العمل على طريقة المثل الياباني (لا تعلمني كيف آكل السمك بل علمني كيف أصطاده) لكان خيرا لهذه الأمة في تطوير نفسها وتأثيرها على غيرها من الأمم.
***
ضياء محسن الاسدي

 

في المثقف اليوم