أقلام حرة
صادق السامرائي: لا نكتب !!
الذين يكتبون الشعر يعيشون وهْمَ الإتيان بجديد أصيل، وكأنهم يتغافلون عن حقيقة أن الشعراء عبر العصور قد أمعنوا في الإبداع بكل شيئ، وبلغوا ذروة التعبير الجمالي والتصويري والإيقاعي.
وما تركوا للأجيال اللاحقة ما يمكن قوله، فلن تتفوق عليهم في أغراض الشعر المتعارف عليها، ولو تفاخرت بالحداثة وما بعدها وما قبلها، فقد أجادوا بقوة وقدرة لا يمتلكها أبناء عصرنا وما بعده، ذلك لتبدل أساليب الحياة وتوفر الوقت والأجواء اللازمة لذلك الإبداع الشعري الخلاب.
فالتنافس بين شعراء اليوم لا طائل يرتجى منه، ولن يصل الواحد منهم إلى حالة تفترب من أولئك الذين غمروا الحياة بإبداعاتهم الفياضة.
وكأن القرن العشرين، كان خاتمة المطاف، فلن تنجب الأمة في القرن الحادي والعشرين من يستحق تسميته بشاعر، لأن ما يكتب لا يتوافق مع إيقاع الزمان.
البعض يكتب عن الحب ويمزج الأساطير والتراث وغير ذلك من الأساليب، لكنها مكررة ودارجة ولن تضيف شيئا إلى الوعي المعرفي والتذوق الشعري.
فالمشكلة التي يغفلها الذين يكتبون الشعر، أن عليهم أن يتواصلوا مع الأغراض الشعرية، التي يمليها القرن الحادي والعشرين.
أي أن التجديد الحقيقي يجب أن يكون في أغراض الشعر، وليس في الصور الشعرية والإيقاعية والجمالية، فهذه قد أستنفذ مفعولها ودورها، وتصلح للقرن العشرين في خمسينياته وستيناته.
فالبشرية في عصر آخر، على الإبداع أن يستوعبه ويتمثله ويعبر عنه بدقة وإخلاص.
فلا قيمة للكتابة عن الحب وبث العواطف والبوح الإيروكي، وما يتصل به، ولا قيمة للرثاء والعويل والبكاء على الأطلال، والمديح والقديح والغزل بأنواعه.
فالشعر فقد دوره ومعناه وأغراضه التقليدية التي لا زلنا نتمسك بها ونستحضرها.
ويبدو أن الشعر عليه أن يكون وثائقيا، يصور أحداث هذا القرن، وأن يتفاعل بآليات ومهارات، علمية إقناعية ذات قيمة تنويرية تساهم في نقد الوعي الجمعي، بما يعينه على صناعة التيار الثقافي اللازم للمواكبة والتغيير.
أما التوهم بأننا نكتب شعرا لا يقترب منه عصفور، فهذا سلوك هروبي وتزعة لتعجيز الأجيال وإخمادها، وتضليلها بأن العبث إنجاز واللهو جد وإجتهاد.
إن الأمة بحاجة لشعر يفجر طاقات الروح ويبني إرادة التوثب والإقدام، ويكون إيجابيا في بناء النفس المتعافية من آفات وشرور الإذعان والبهتان.
وعلى الشعر ان يكون مسطورا بحروف من نور!!
***
د. صادق السامرائي
9\8\2021