أقلام حرة
صادق السامرائي: عَن الكتابة!!
الكتابة معضلة حضارية في المجتمعات المتوهمة بالنهوض، والمتورطة بتصورات التقدم والنماء، وهي تنحدر إلى وديان الدمار الشديد.
الكتابة ربما إنحراف سلوكي أصاب مجتمعات الأمة بالإنهيار والإندثار والركض وراء خيط دخان.
فكم من الأقلام تكتب؟
وكم من الأوقات تستهلك لمجالسة الورق أو الشاشة، في عصر وفّر أدوات الكتابة السهلة، فصار الجميع يكتبون ويسطرون رؤاهم في كلمات.
مَن دق باب الكلمات، وشق صدر العبارات، وإمتطى السطور، وأجهز على اليراع المسكين، وجلده بسوط الغفلة والحسرات، وما فيه من المطمورات السيئة؟
إنها لعبة التخدير، فالكتابة كالدواء الذي يُحقن في الأوردة ليمنع الشخص من الشعور بالألم، فيعبث به المشرط وهو في عدم شعور بالوجع.
وما يحصل في واقعنا المعرفي يشير إلى أن المعاناة القاسية والمكبوتات الشرسة دفعت البشر للبوح والترويح عما فيه، ليشعر بأنه يستطيع الإنتصار على ضعفه وغياب القدرة على الإنجاز المفيد.
ولهذا فالكتابة تحولت إلى إنجاز، فالقول العمل، وخير ما يقوم به الشخص أن يكتب ويكتب، فالدواء كتابة والحياة كآبة، إن إختفت فيها الكتابة!!
ومضينا نكتب لنهرب من واقع نعجز عن مواجهته والتأثير الإيجابي فيه، فالكراسي متأسدة على الحياة وتفعل بالأوطان ما تشاء، والمجتمعات تختصرها الأفراد والفئات، والدين طوائف، والديار تشظت، وتورطت بتدنيس الساميات، والتهليل للفساد والعاديات.
فهل لنا أن نكتب بأفعالنا لا بأقلامنا؟!!
" ومن طلب العلوم بغير درس...سيدركها إذا شاب الغراب"!!
***
د. صادق السامرائي