أقلام حرة

صادق السامرائي: ننعى ولا نرعى!!

وصلتني هذا الصباح من صديق رسالة نعي لأحد الأساتذة الذين ما سمعنا عنهم في حياتهم، وكانت الرسالة ذات إطراء باذخ، وتفخيم وتعظيم، وبث حسرات، وذرف دموع وتأوّهات على الفقيد.

وتساءلت هل نال الرعاية والإهتمام في حياته؟

الكثير من عقولنا المتميزة مهملة ومنبوذة في مجتمعاتنا المهرولة وراء الأدعياء والأذلاء، ونستذكر طاقاتها الإبداعية حين وفاتها.

بسلوكنا نعبر عن عجزنا على صناعة القدوات الحية، وندفع بالأجيال للتوهم بإتباع القدوات الميتة، التي ستضفي عليها من أوهامها ما لا تتصف به، أي تتحول إلى حالة للتعبير عن المكبوتات المطمورة في الأعماق، ووسائل لتبرير العجز والإستسلام للآلام.

فما فائدة تبجيل الأموات وإهمال الأحياء ومعاداتهم وطردهم من مجتمعاتنا؟

لماذا نكره الناجحين بيننا؟

الناجحون في المجتمعات المتقدمة يتحولون إلى رموز للقوة والعطاء الأصيل، ويتم تسويقهم كقدوات على الأجيال الصاعدة أن تقتدي بهم وتسعى لتكون مثلهم أو تتجاوزهم.

فبهذه الأساليب التفاعلية الواعدة تتقدم الشعوب وتتقوى، وتقبض على زمام الريادة وتحوز مفاتيح السبق.

وعندنا السلبيون يتكاثرون والإيجابيون يندثرون، والناجحون يفشلون أو يهاجرون، فالموت شريعتنا، والحياة غريمتنا، فالدنيا فانية والحياة الحقيقية بعد موتنا، فكل من عليها فان.

مجتمعات الدنيا ترى الحياة حق والموت حق، ونحن ننكر أن الحياة حق!!

" وما الدنيا بباقية لحي...وما حي على الدنيا بباق"

و" الحياة العقيمة موت مسبق"

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم