أقلام حرة

صادق السامرائي: الأقلام الجاهلة للتأريخ!!

يتم تصوير ما تمر به البلاد وتعانيه العباد، وكأنه لم يحصل في الدنيا من قبل، وبأنه نهاية كل شيئ ولا يمكن الخروج منه والإنتصار عليه، فكل السبل مسدودة وعسيرة، وعلينا أن نذعن للمستحيل ونستسلم ونستكين.

بينما المدون في التأريخ من النواكب والمصائب والويلات يفوق ما تمر به البلاد وتعانيه العباد مئات المرات، وتحقق تجاوز تلك الصعاب الهائلات وبناء الحياة.

فالمجتمع يمر بمراحل عسيرة وفترات نكداء، ومظالم وقهر وفساد وإستهتار بالقيم والأخلاق، وتم إستخدام الدين فيها لشتى الأغراض والتطلعات االدنيئة، والنيل من المواطنين وإستعبادهم والمتاجرة بوجودهم.

البلاد والعباد مروا بأصعب مما هو قائم وانتصروا عليه، وحل اليسر بعد العسر الأليم والحكم السقيم.

وبغداد من مدن الدنيا التي تعرضت لأشرس الهجمات في التأريخ القديم والمعاصر، وتمكنت من الخروج من محنتها ومواصلة مسيرتها الحضارية، فمنذ هجوم التتار عليها سنة 656 هجرية، وما قبل ذلك وبعده، ومتواليات الهجمات لا تنقطع عنها، وهي الصابرة المحتسبة المؤمنة بقدرتها على تجاوز الملمات وردم مستنقعات التداعيات، وما حصل فيها منذ بداية القرن الحادي العشرين قد جربته وعانت منه على مر العصور.

إن الأقلام التي تكتب عن الواقع بيأس وقنوط لا تقترب من الحقيقة، وتتمادى في الوهم الداعي إلى السوداوية، والإحباطية والكمون في خنادق التعادي والبغضاء، والتستر في أقبية ظلماء تحجب النظر.

على الأقلام التي تكتب بمداد التحدي والإصرار على التقدم والرقاء، وتجاوز العقبات والإنتصار على كافة أنواع المحبطات، والسلوكيات المنحرفة الفاسدة الخرقاء، فلن يدوم إلا ما ينفع الناس، أما ما يشذ عن القيم والأخلاق والأعراف والتقاليد فذاهب إلى بئس المصير.

وإن الشمس ستشرق من جديد، والأجيال الواعدة لصاعدة ومنتصرة على كل جبار عتيد!!

***

د. صادق السامرائي

10\1\2022

 

في المثقف اليوم