أقلام حرة
صادق السامرائي: شعارات فارغة!!
أثار موضوع المقال الأستاذ علي حسين في مقاله المنشور في صحيفة المثقف "الغرق في الشعارات" بتأريخ (3\9\2024)!!
كنا طلبة في الإعدادية، وكان صديقي ونحن نسير في شوارع مدينتنا، تنتابه نوبة ضحك هستيرية كلما واجهتنا لافتة تحمل شعارا، إذ كان يسفه الشعارات، ويرى أنها لعبة لخداع الناس وإستلاب إرادتهم، وكان يتكلم بجرأة وقناعة فائقة، بأن الشعارات أكاذيب لا غير.
وبصراحة في ذلك العمر، لم أفهم ما يعتمل في رأس صديقي، لكنه من القراء الجيدين، ويمتاز بثقافة عالية، ولديه مكتبة عامرة في البيت، وكم جلسنا في مكتبته، وكانت تدهشني لما تحويه من الكتب التي كانت ممنوعة في حينها، وأول مرة أطلع على كتاب "في ظلال القرآن "، عندما وجدته في مكتبته.
ومع الأيام إزداد حضور صديقي في ذاكرتي، بعد أن تبين أن الشعارات التي طرحتها الأحزاب وأنظمة الحكم، عبارة عن وسائل للتخدير ولتمرير أجندات خفية، في جوهرها النيل من البلاد والعباد.
فلا يوجد حزب في مجتمعاتنا حقق نسبة ضئيلة من شعاراته، فجميعها كانت لعلعات خطابية بلا إنجازات واقعية ذات قيمة وطنية ومنفعة للناس.
فهل وجدتم شعارا واحدا، إقترب من كلماته، أو أحرفه؟
أصبحنا ندرك أن الأقوال هي غاية الأفعال، أما العمل فمحرم وممنوع، ولا بد لأي إنجاز أن يكون قاهرا للشعب.
أين أصبحت الشعارات الوحدوية والقومية والثورية التي صدّعت رؤوس الأجيال، ورمتهم في سعيرات الحروب العبثية بين أبناء الأمة.
الذين يتمنطقون ويتفلسفون على رؤوس المواطنين، لا يقدمون لهم سوى الكلمات، وهمهم ما يجنون من المال المنهوب، والمشرعن بفتاوى مؤنفلة وغنائم مشاعة للكراسي المتسلطة على مصير الناس، فالجالس على الكرسي يمنح الحق لنفسه بالتصرف بكل شيئ، وما عليه إلا أن يتقنع بشعاراته الجوفاء، ويتخذها دريئة لنيل ما يريده من حقوق المواطنين، فهو رب البيت ومن حقه أن يديم الرقص والنقر على الطبول!!
فتبت شعارات المتسلطين على أمة أرحم الراحمين!!
***
د. صادق السامرائي