أقلام حرة

شاكر عبد موسى: لماذا حين نختلف نفترق

يواجه بعض الإسلاميين صعوبة في فرض التوصيات الدينية، وهم يزعمون أن التوصيات تلك وُضعت فقط لحماية المجتمع، ولكن في سياق تحقيق تطبيقها، فإنهم يقسمون المجتمع، ويروعونه، ويقتلون من يريدون، باعتبارهم مجاهدين يريدون إقامة دولة الخلافة ولبس الجلباب والنهي عن المنكر في سبيل الله.

وطائفة أخرى تجاهد الطائفة الأولى لحماية الصحابة من الطعن وأصحاب الحق أموات أيضا، وطائفة ثالثة ترى أن شكل العدالة لا يتحقق إلا في رؤيتها متمثلة في الإمامة، التي أحياها الأموات في الماضي.

وتستمر المعركة وتنشغل المجتمعات وتنفق بعض الدول الأموال الطائلة لأجل  نشر هذه الانحرافات العقدية، لتعزيز مذهبها وعاداته وتقاليده الموروثة، والتي بدورها تقوي كراسي السلطة والجالسين عليها.

فإذا أردنا التعايش مع الأطراف الأخرى يجب تقبلهم بعيوبهم.. وليس ذلك كافر عليه اللعنة وذاك ملحد لا تجلسوا معه ولا تأخذوا منه.

فاذا كان الاختلاف يؤدي الى القطيعة.. اين يذهب الود؟ واذا كان الاختلاف يحتاج الى سنين حتى تعود المحبة من جديد.. فأين الفضيلة ؟ واذا كان الاختلاف يؤدي الى الهجر.. فأين تذهب المحبة ؟ واذا كان الاختلاف يؤدي الى الاحقاد... فأين المصداقية.. والحب والعشرة ؟.

نحن جيل نشأ وتربّى وترعرع على الحب.. والتسامح والوفاء والاحترام وكل القِيَم النبيلة الجميلة، عاصرنا رجالاً ونساء لم يعرفوا القراءة والكتابة ولكنهم اتَّقنوا عِلم الكلام، لم يدرسوا الأدب ولكنهم علّمونا الأدب، لم يدرسوا قوانين الطبيعة وعلوم الأحياء ولكنهم علمونا فن الحياء.

 لم يقرؤوا كتابا واحداً عن العلاقات، ولكنهم علمونا حسن المعاملة والاحترام، لم يدرسوا الدين ولكنهم علمونا معنى الإيمان وعلمونا الحلال والحرام، لم يدرسوا التخطيط ولكنهم علمونا بُعد النظر في كل شيء،لم يجرؤ أحد منا على الكلام بصوت عالي في البيت، كنا نحترم الجار والجار السابع.

‏انشر الكلمة الطيبة بين أهلك  قبل مجتمعك، للأسف تجد بعض الأشخاص يعامل الناس بكلمة طيبة في الشارع ومكان العمل، حتى إذا دخل مواقع التواصل الاجتماعي انتقد ووبخ وشتم وعامل الناس بجفاف بحجة أنه عالم بكل شيء، فما تعطيه لأهلك من لطف ولباقة ضعه في أفراد مجتمعك، تمدح هذا، وتشيد بعمل ذاك، وتشجع آخر، ليكن دخولك فرحة لأصحابها.

إهداء لِمَن عاش تلك اللحظات الجميلة، وإلى الجيل الذي ربّانا وهذّبنا، حفظ الله مَن كان منهم حَيّاً والرحمة والمغفرة لمن غادر دنيانا.

***

شاكر عبد موسى/ العراق

كاتب وأعلامي

في المثقف اليوم