أقلام حرة

صادق السامرائي: مكرمات الكراسي!!

ظاهرة عجيبة في بلاد الأعاجيب، أن الذي يتسنم السلطة يخوّل لنفسه صلاحيات إمتلاك ما في البلاد من ثروات، ويتحرك المواطنون نحوه إستجداءً للمكرمات، فكل مَن جلس على الكرسي صار من أولياء نعمة المواطنين.

وهذا السلوك غريب ولا مثيل له في مجتمعات الدنيا، إلا فيما ندر.

المتسلط على الناس يعطيهم ما يسمى بالمكرمة، وهي ليست من ماله الخاص، وإنما من أموال المواطنين وحقوق السشعب، لكنه حسب نفسه صاحب الأمر والنهي في البلاد والعباد.

البعض يسميها طغيانا، إستبدادا، دكتاتورية وغيرها، لكنها تمثل ظاهرة متكررة حصلت في البلاد منذ إبتداء عهد الجمهوريات ولحد الآن.

فهل هذا سلوك وطني سليم؟

ثروات أي بلاد لأهله، ولا يحق لفرد أو عائلة إدّعاء ملكيتها وحرمان الشعب منها.

إنه تصرف قبلي بدائي غابي الطباع، مريض النزعات وفيه تعبير مروع عن أسوأ العاهات الفاعلة في الشخص، الذي سيطرت عليه أوهام الفردية والملكية المطلقة لحقوق الناس.

ويساهم المجتمع بتعزيزها بتوفير الحوافز اللازمة لديمومتها، وإتخاذها وسيلة للحكم والإستعباد، والنيل من البلاد والعباد.

فلماذا نمضي في سبيل المكرمات، وحقوقنا مهدورة، وأيامنا مقهورة بالحرمان والجور والإمتهان؟

ما تقدمه الكراسي ليس بمكرمة، بل تعبير عن آليات النهب والسلب والسرقات، وتخدع الناس بأنها تمنحهم ما لا يستحقونه، بصفة مكرمة، أي فضل من الكرسي على المواطنين.

وذلك تضليل وتجهيل، فالمواطن له حقوقه، وما دامت أرضه ثرية فيجب أن يتمتع بثرائها، لا أن يستجدي العطف من المستحوذين على حقوقه، والذين يوهمونه بأن ما يعطونه له مكرمة من سيد الكرسي المبجل المهاب.

لابد من معالجة الظاهرة، والقضاء على سلوك المكرمات، لأنه لا وطني ولا إنساني، وفيه أفك مبين.

فهل لنا أن نحترم حقوقنا، وننالها بعزة وكرامة؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم