أقلام حرة

صادق السامرائي: النخب والعبث!!

النخبويون عبثيون فالأمة فيها مفكرون وفلاسفة مبدعون متنوعون غارقون بنشاطات العبث.

مشاريع ورؤى وإبداعات، خالية من روح التواصل مع الحياة، ومحلقة في فضاءات الأوهام والتهيؤات، وكل عابث يحسب أن ما قدمه للحق وارث.

وبعبارة أخرى يعبرون عن التطرف والغلو، ويرون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة على مقاساتهم التي تنسف ما عداها.

أنظروا إلى المفكرين العرب من أولهم إلى آخرهم، فلن تجدوا مَن يحيد عن التمسك بأن طريقي هو الطريق وغيري لا طريق، مشروعي هو المشروع وغيره لا مشروع، وكل يبني منطلقاته على ما يعرف، ولا يستطيع التفاعل مع غيره لكي يتوسع ويرى أوضح.

أحد المفكرين الكبار والمثقفين المعروفين، يرى أن إبن رشد هو حلاّل مشاكل الأمة، بعد عدة قرون على وفاته (10\12\1198)، وهو الذي عجز عن التفاعل الإيجابي مع عصره، وتحول إلى حالة منبوذة من قبل الفقهاء الذين كان سيدهم، وآخرون يرون أن العلة في طبقات العقل العربي، ويسمونها كما يحلو لهم، وطروحات عديدة أخرى نجم عنها عشرات بل مئات الكتب، وما بعثت الأمة ولا اخرجتها من محنها الكأداء المصفودة بها، وهي التي إمتلكت أدوات الصيرورة الحضارية المعاصرة.

فبها ثروات عقلية ومادية وأرضية صالحة للإنطلاق الأصيل، وهذا يشير إلى أن العيب في نخب الأمة الذين تورطوا بالنشاطات العبثية، وإنحسارهم في زاوية حادة مكونة من ضلعي الدين والتراث، وما قدموا ما ينفع، وإنما ذات الطروحات المكررة المتداولة عبر الأجيال المخمّدة الموؤدة في ذاتها وموضوعها.

إن الخروج من هذا المأزق المصنّع في مختبرات الآخرين والذين يفعّلونه بمخالبهم وأنيابهم، يتطلب التحرر من قبضة العبثية التي رسختها النخب في الوعي الجمعي.

فالأمة متوثبة ومنطلقة لمستقبل أفضل، وهي ليست منحطة أو منكسرة، إنها أمة حية، وستكون، وعلى قياداتها أن تؤمن بقوتها وقدرتها على المواكبة والمسابقة، والتعبير عن جوهرها الذي لابد له أن يسطع، وينتصر على المعوقات والمصدات، ويفند الحروب النفسية الشرسة الغاشمة ويهزمها!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم