أقلام حرة

ثامر الحاج امين: حقيقة زلة اللسان

شغلت أوساط السياسة والاعلام زلات اللسان التي وردت في كلام الرئيس الامريكي بايدن سواء في مناظرته مع منافسه الرئيس الأسبق ترامب او في مؤتمر حلف الناتو الأخير والتي قد تؤدي هذه الهفوات الكلامية الى تقليل حظوظه للفوز بدورة ثانية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .

وقبل هذا كانت زلات اللسان وكذلك هفوات القلم قد شغلت كبار علماء النفس ومن بينهم مؤسس التحليل النفسي  العالم النمساوي " سيجموند فرويد " الذي يعتقد (أن زلات اللسان عادة ما تعبر عن ظهور الرغبات المكبوتة بشدة من العقل الباطن للشخص)، كما ترجمها القول العربي المشهور (ما أخفى الإنسان شيئا إلا وظهر في فلتات كلامه وزلات لسانه) وكذلك في المثل القائل (ما يطفح به القلب ينزلق به اللسان)، فالبعض يقع في حرج زلة اللسان نتيجة الضغط النفسي والشعور بالارتباك والتوتر، وهذه الهفوة الكلامية التي لا يتمكن الانسان من تداركها عادة ما تكون محرجة وأحيانا خطيرة وتتسبب بأزمات شخصية وعامة،  وأخطر ما فيها تلك التي تأتي في خطابات السياسيين وفي احاديثهم المباشرة ذلك ان وقعها في النفوس يكون مؤثرا وتبعث على الشك واحيانا تخلق الأزمات بين الدول، ففي احدى اللقاءات خاطب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرئيس التونسي بـ (فخامة الرخيص) بدل من (فخامة الرئيس)، وفي واحدة من خطابات الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش وصف غزو العراق بانه حرب همجية ثم سارع الى الاعتذار والتصحيح انه كان يقصد غزو اوكرانيا وعندما ارتبك وسط ضحكات الجمهور فانه لم يجد من محاولة لتجاوز الموقف المحرج الا بقوله: انا عمري 75 عاما وقد اعتبرت الاوساط ان هذه الزلة هي اعتراف للتاريخ وحقيقة لم يتمكن العقل الباطن من اخفائها، ومن الأمثلة الراهنة أيضا ما أدلت به مجموعة من السياسيين بما يخص الحرب على غزة فقد زل لسان رئيس وزراء السويد أولف كريستيرسون عندما قال في خطاب له أمام الجمهور إن "السويد والاتحاد الأوروبي متفقين على أن لإسرائيل الحق في الإبادة الجماعية"، وقبل أن يكمل كلمة "الجماعية" تدارك الموقف وقال الدفاع عن نفسها، وموقف محرج آخر مشابه حدث مع المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية تال هاينرش فقد صرحت في حديث تلفزيوني أن الجيش لا يستهدف إلا المدنيين قبل أن تتدارك زلة لسانها وتصحح خطأها وتقول إنها تقصد "الإرهابيين طبعاً". والشيء نفسه يحدث في هفوات القلم ففي فترة خدمتي الوظيفية عملت في دائرة كانت فيها موظفة ــ كاتبة طابعة ــ كثيرة الثرثرة والاتهام  لمدير الدائرة بتقاضي الرشوة وان رشوته طلي (خروف) وتعيد ذلك مرارا وتكرارا، وصادف ان احد المراجعين تقدم بطلب لمدير الدائرة للحصول على موافقة في أمر معين ووافق له المدير ووصل امر اصدار الموافقة الى الطابعة فكتبت تلك الطابعية (بناء على الطلي ــ وتقصد الطلب ــ المقدّم من قبل السيد ......) طبعا الأمر لم يكن مقصودا وانما هي زلة اللسان بسبب الالحاح فى ترديد المفردة وكادت هذه الزلة أن تتسبب لها بمشكلة لولا انتباهي لها وتدارك الأمر قبل وصول الكتاب الى توقيع المدير . واخيرا كم من زلة لسان لا يجدي بعدها الأسف ولا يتخطاها النسيان.

***

ثامر الحاج امين

 

في المثقف اليوم