أقلام حرة

موسى فرج: صوم عاشوراء والغاء 14 تموز.. تشابه في الباعث والمنهج

كتب صديقي الدكتور صالح الطائي: "هناك صنفان من المسلمين في (عاشوراء)، أحدهما يحتفل به يوم عيد، والآخر يبكي وينتحب لأنه يعتبره يوم الحزن الأكبر.! وإذا كانت مناسبات ديننا لا تجمعنا فما الذي سيجمعنا؟"

أضيف الى صديقي وجهة نظري المتواضعة:

كان العرب قبل البعثة يصومون العاشر من محرم تقليداً لليهود الذين كانوا يصومونه احتفاءً بنجاة موسى نبيهم من فرعون وبعد البعثة تقرر صيام رمضان على المسلمين بنص القرآن الكريم ،وأباح للمسلمين صيام أيام أُخر قبل وبعد شهر رمضان لكنه جعل الصوم فيها تطوعاً وليس واجباً على غرار قيام الليل خارج الصلوات الخمس المقررة...

وبمحض الصدفة جاء استشهاد الإمام الحسين "ع" لاحقاً في العاشر من محرم أي في اليوم نفسه ...استغل الأمويون تلك " المحض صدفة" لصرف أنظار الناس عن جريمتهم وكونه يوم نقمة عليهم فحركوا أذرعهم من النواصب ليختلقوا رواية تقول أن النبي "ص" يوم وجد اليهود يصومونه شكراً لله بنجاة موسى من فرعون قال: "نحن أولى منهم بموسى ولو ادركته في العام القادم لصمته" ، وحتى على افتراض ان تلك الرواية صحيحة لكنهم أشاعوا ذلك بين العامة دون أن يربطوه بيوم قتلهم الحسين "ع" ، ودون أن يكشفوا عن غايتهم الحقيقية فانطلت الحيلة على العامة بالضبط مثلما فعل حكام المحاصصة في العراق مؤخراً عندما حاولوا طمس 14 تموز يوم قيام الجمهورية في العراق فبحثوا في ملفاتهم عن يوم بديل ليختاروا يوم 3 تشرين الأول، وفرضوه يوماً وطنياً للعراق في حين أن حكام الحقبة الملكية التي حصل فيها ذلك اليوم أنفسهم لم يعترفوا به ولم يحتفوا به ، نفس الباعث والمنهج: نواصب الأمويين دسوا أحاديث في البخاري ومسند عرعور ونواصب المحاصصه شرعوا قانون بإلغاء يوم 14 تموز باعتباره اليوم الوطني في العراق وقالوا بـ 3 تشرين أول...

نعود لصيام عاشوراء...الأمويون وامتدادهم النواصب غايتهم طمس يوم استشهاد الحسين لكن العامة من السنّة لا يعوون هذه الغاية فقد سوقوها لهم بغير الغاية الحقيقية منها بل كونها سنة مارسها النبي فالتزموا بها وتمسكوا... بمرور الزمن بات البعض يحتفل به مع اختلاف النوايا الأمويين وامتدادهم من النواصب يعني لهم فرح بمقتل الحسين وبالنسبة للعامة المستغفلة التزاماً بموروث حسن...

لو سألت الجمهرة المستغفلة وهم الأغلب اليوم ممن يصوم هذا اليوم أو يفرح به: هل يفرحك قتل الحسين وتصوم شكراً لله ...؟ لسارع بالإجابة: معاذ الله كيف تظن بي السوء ...؟ هل يمكن لمسلم عاقل ان يفرح بالذي جرى لسيدنا الحسين سبط الرسول وأطفاله...؟!

اذن لماذا تصوم في هذا اليوم والبعض يفرح ...؟ ستكون اجابته: اتقرب بذلك الى الله جرياً على ممارسة مارسها النبي "ص"...

هل لديك ما يثبت أن الرسول صام هذا اليوم واستبشر ...؟ سيجيبك مسرعاً: نعم صحيح البخاري ومسند عرعور...الى جانب ما يفعله الناس من حولي...

وعندما تقول له: وان ثبت عدم صحة ذلك وانها إحدى ألاعيب الأمويين والنواصب تجده قافلاً على ما عنده جهلاُ وتعصباً...!

وعندما تفاجأه بأن الصابئة المندائيين بالعراق ألغوا الاحتفال بعيدهم الكبير لهذا العام لأنه تصادف مع يوم عاشوراء مقتل الامام الحسين ع وهم ليسوا على دين المسلمين و دينهم موحد وأقدم من دينك ...لكنهم ألغوا الاحتفال بعيدهم الأكبر هذه السنه كي لا يخدشوا مشاعر المسلمين من محبي الحسين فلماذا لا تفعل أنت خصوصاً وان صوم العاشر من محرم ليس واجباً مثل صيام رمضان ...؟ وأيضاً المسيحيون في سنوات سابقة ألغوا احتفالاتهم بعيد الميلاد كونه يتزامن في تلك السنوات مع ذكرى عاشوراء ...

ستجدهم بين حالين: المتخلف منهم والمتعصب يزداد عناداً فوق الذي عنده، والمتفتح منهم يناقش الأمر بروية وتعقل ويمحص الموروث ليكتشف الحقيقة ويتخلى عما لحق بمعتقداته من ألاعيب المغرضين أو وهي الحالة الثالثة: أن يسلك منهجاً متحضراً كالذي اعتمده أحبتنا الصابئة المندائيون في هذه السنه وقبلهم الأحبة المسيحيون ، وربما جرياً على الحديث النبوي القائل: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره".

خلاصة القول:

النواصب واصحاب الغلو وجهين لعملة واحدة كلاهما متخلف متعصب يصنع الكراهية والفرقة...

والنواصب صنفان: نواصب الدين ونواصب السياسة كلاهما جاحد ومتخلف...

والأرقى منهما كلاهما الصابئي المندائي....

 ***

 د. موسى فرج

في المثقف اليوم