أقلام حرة

صادق السامرائي: الأقلام الظالمة!

الظلم شيمة بعض الأقلام، فالنزوع إلى الجور والقسوة على الآخر، وخصوصا أصحاب الرأي والكلمة فاعل في الساحة الثقافية، وله شواهده اليومية وأقلامه التي تجيد البطش والعدوان والتنكيل بالآخر، ظنا منها أنها ستكون بمحق غيرها.

بينما الموجودات الكونية تتشامخ وتتسامق بتفاعلها مع كلها.

فلا قيمة لفرد دون وجود المجموع، ولا معنى لكلمة بلا عبارة أو جملة تمنحها هدفا وغاية وفكرة.

والإبداع الجيد يكون لوجود إبداع غيره فتمايَز عليه.

وبدون إبداع وفير وعطاء جزيل، لن تلد الأمة مبدعيها القادرين على حمل رسالتها المنوِّرة، فالعطاءات تتوارد إلى غربال الأيام، وهو الذي يمحصها ويفرّقها ويبين طالحها من صالحها وأصيلها من دخيلها.

المبدع مهمته أن يتفانى في إبداعه، ويجتهد بما ينتجه من صور إبداعية أيا كان نوعها أو توصيفها، والمشكلة التي تواجه الواقع الثقافي ميوعة النقد وعدم جديته وعلميته ومنهجيته.

فالسائد في الكتابات المسماة نقدية  هو القديح والمديح، ويندر ما هو موضوعي ويضيف للقارئ جديدا ويعلمه شيئا.

فالناقد يخشى من النص الذي يتصدى له، لأن صاحبه سيثور، فنظرة الكاتب لما كتب وهمية خيالية، تمليها نشوة الإبداع وطاقاته التي تخلقت في النص.

أي أن الكاتب نفسه غير موضوعي وبعيد عن الواقع الإبداعي، وما يتوقعه أن الذي يقرأ نصه عليه أن يكتب عنه بذات النظرة الوهمية المتجسدة عنده.

ولا يوجد في واقعنا الثقافي كاتب ينقد نفسه أو يقرأ نصه بعيون ناقد.

والحقيقة التي يغفلها الكاتب أن ما يكتبه حال نشره يصبح من حق القارئ، فالذي يقرأ المنشور ويبدي رأيه فيه يقدم خدمة للكاتب أيا كان ذلك الرأي.

فلماذا نتفاعل بعدوانية وكأننا في غاب أكتب؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم