أقلام حرة
عدوية الهلالي: العاطفة والسلطة
احدى المفارقات الكبرى للديمقراطية هي أن يتحمس المرء لسياسي ما ويصوت له وعندما ينتصرهذا السياسي ويصبح قائدا يزداد الحماس أما في حالة هزيمته فيصاب المرء بخيبة الامل والكآبة أحيانا ..لابد ان نقول هنا ان السلطة، الى جانب المال والحب، هي واحدة من اعظم المشاعر الإنسانية وبالتالي فهي تثير مشاعر قوية، ونحن مجبولون على العاطفة على الاغلب لذا نتأثر بها، ولكن، أليس من الأصح ان نضع العاطفة جانبا ونحن نسعى الى تحقيق الديمقراطية التي تفترض أولوية العقل؟
ربما لم أتمكن قط من التحمس لأي سياسي، مهما كان لامعًا، والسبب بسيط: فهو يريد أن يحكم، أي أن يمارس سلطة لن أهرب منها. فلماذا أمتدح شخصاً يريد أن يقودني؟ إنني أدرك جيدًا ضرورة القوة في كل المجتمع البشري إذ يعد وجود مؤسسة معقدة وهرمية للغاية أمرًا ضروريًا، لكنه شر لا بد منه، وهو أمر مميت حل بالجنس البشري طوال تاريخه. مع ذلك، يمكن ان ندرك ضرورة وجود السياسيين ولكن، هل علينا ان نثق بهم؟ أليس من الأفضل ان تعبر عنهم افعالهم وان نرى انجازاتهم على ارض الواقع قبل ان نغرق في الحماسة السياسية التي تستخدم كأداة للاستيلاء على السلطة، فهؤلاء الذين نتحمس لهم ربما يصبحون اعداءا للحرية عندما يصلون الى اعلى المناصب لأنهم يطمحون قبل كل شيء الى الحكم، وبالتالي السيطرة على الآخرين .
ففي ظل نظام ديمقراطي، لا ينبغي لنا أن نغفل أبداً حقيقة مفادها أن الحاكم الذي يتولى أعلى منصب هو عدو محتمل للحرية. وبقدر ما يتمتع به من مهارة وذكاء وثقافة، فإن الوصول إلى منصبه يتطلب مثل هذه الطاقة، وهذا الشغف للاستيلاء على السلطة، بحيث لا يمكن النظر إليه إلا بحذر.
ولذلك فإن المدة المحدودة لتولي المنصب أمر ضروري والتصويت الانتخابي هو من يضمن ذلك وإلا ستختفي الديمقراطية، لكن الديمقراطية لدينا تضمن الحكم للسياسيين الذين نتحمس لهم لكنها تسلبنا ايماننا بها بعد ان يتحول نفس الحاكم الى أداة قاتلة اومعطلة، وفي كلتا الحالتين فهو لاينفعنا بل يضرنا، وبالتالي نظل نحن ننتظر ما يجود به الحاكم علينا من عطف او اهتمام او إنجازات حقيقية او حتى وهمية ونرضى بكل مايصدر عنه من قرارات حتى لو لم يكن هو من يصنعها بل من يقف وراءه من أحزاب متنفذة..هل يستحق الأمر اذن ان نتحمس ونهتف ونصفق ونهلل لمن يعمل لنفسه أولحزبه ولايقدم ولن يقدم لنا شيئا سوى سلب حريتنا وايماننا بالمستقبل؟.
***
عدوية الهلالي