أقلام حرة

صادق السامرائي: الأفكار والطاقة الخيالية!!

قبل عام ألفين، لم يكن العالم بهذه القدرة التفاعلية عبر شبكات الإنترنيت والتواصل الإجتماعي، وقد تحققت ثورات نوعية أصيلة في وقت قياسي، خصوصا بعد العقد الأخير من القرن العشرين، مما نقلت البشرية إلى فضاءات كانت لا تخطر على بال الأجيال في أي عصر.

وبعد أن أمضت البشرية معظم القرن العشرين على أنه عصر النفط وحضارته، تراها اليوم تتحفز للإنتقال إلى مرحلة طاقوية جديدة مذهلة، تتوازى مع المستوى الإليكتروني والتواصلي الذي بلغته الدنيا، وهذا يعني أنها مقبلة على مصادر للطاقة ما خطرت على بال الأجيال قاطبة، وسيكون النفط بسببها مقبورا في مكانه ولا قيمة له أو دور في الحياة كما كان في القرن العشرين.

فالعالم مقبل على الطاقة الخيالية التي لا تلوث البيئة، ولا تتسبب بما تسبب به النفط على مرّ العقود الحارقة، والتفاعلات التدميرية الصاخبة، فمصادر الطاقة تنوعت وتعددت وبلغت مدارات المطلق، وأنها لسوف تجتاح الدنيا كما فعلت الإنترنيت والهاتف النقال ووسائل التواصل الإجتماعي بأنواعها.

ذلك أن العقل البشري مبتكر خلاق ومكتشف حاذق، وبتفاعل العقول  في أرجاء الأرض تم سكب الأفكار في أوعية صيرورات إبداعية غير مسبوقة، وأصبحت الأفكار يسيرة التصنيع والإنتاج المادي العملي الذي يترجمها، فالفكرة تسعى للتكوّن ببدن فعّال في الحياة ومؤثر بمسيرة البقاء، فلكل فكرة رسالة، وهي كالأحياء تتفاعل وتتلاقح وتتكاثر وتموت وتنتحر وتنطلق إلى ما هو أرحب وأوسع.

الأفكار تقودنا، ونحن نستطيع الإرتقاء إليها وجذبها وإستنزالها وتخليقها، لكنها تمتلكنا وتتسيد على آفاق وجودنا وسبل حياتنا ومعيشتنا.

الأفكار تملكنا، وكل واحد منا ملك مشاع لما يتماوج فيه من الأفكار، فإرادتنا إرادة أفكارنا، وما نحن إلا وسائط للتعبير عنها وترجمتها، والعمل الدؤوب لبذرها ورعايتها وجني أثمارها.

الأفكار تقتلنا، وهذا ما يتحقق في ديارنا، لميلنا المروع نحو الأفكار القتالة، ومعاداة الأفكار القادرة على صناعة القوة والحياة والبناء والرخاء.

الأفكار القتالة هي التي فعلت فعلها في واقعنا، وأسست لآليات التناحر والتنافر والتشاقق والتخندق والتضندق في باليات الرؤى والتصورات، والتفاعلات الخسرانية البائسة الشاحبة النكراء.

وبسبب هذه الأفكار العاصفة في أرجاء الوعي والخيال، يتخلق الواقع المتطابق مع جوهرها ونوازعها وإرادتها الفعالة الصاخبة.

فهل من وقفة ثورية أمام الأفكار الموتية الإنتحارية التي تحسب الحياة محض هباء وهراء؟!!

و"الحياة بلا فائدة موت مسبق"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم