أقلام حرة
صادق السامرائي: النحارير!!
نحرير: حاذق، فاطن، عاقل
ما أكثر الفطناء والأذكياء المتميزين في مجتمعاتنا، ونواجههم بالإهمال والإقصاء والتبخيس، وندفعهم إلى مغادرة البلاد والتعبير عن قدراتهم الإبداعية في مجتمعات الآخرين.
فنحن نعطل العقول الفاعلة، ونستضيف العقول العاطلة، ونوفر للناجحين أسباب الفشل، وللفاشلين المزيد من الكسل، ونسلط الأغبياء على الأذكياء، ونرهن مصير البلاد والعباد بالبُقلاء.
والكثيرون منا يقولون لأنفسهم، لو كنت قد ولدت في غير مكاني لكنت صاحب شأن ثاني!!
لماذا نهين عقولنا ونؤجج سوء نفوسنا؟
لا يمكن لشعب مترع بالطاقات الواعدة، والموروثات الحضارية المتميزة، أن لا يجد الوقت الملائم لإنبثاق جوهره الأصيل، مهما تكالبت عليه الظروف وتراكمت التداعيات، فالأصالة لا تنفني، والجوهر لا بد له أن يبين.
في المرحلة الإبتدائية كان الصف يزدحم بالمواهب المتنوعة، وبالقدرات الواعدة، لكن الحرب القاسية أكلت معظمنا، وما نجا منها إلا القلة المحظوظة أو المعضوضة بأنيابها الجائرة.
عند مقارنة شعبنا بشعوب الدنيا يبدو متقدما على العديد منها في عدة مجالات حضارية ومعرفية، فالأمية لا تعني عدم القراءة والكتابة، فما أكثر الذين يقرأون ويكتبون ويحملون الشهادات المتنوعة، ويعيشون أمية مدقعة.
ولا زلت أذكر تلك العجوز الجبلية التي وجدت فيها معلمة نادرة، فكانت صاحبة معارف ومدارك تتفوق بها على أمثالي، فأصبحت تلميذها في مدرسة الحياة، وأنا طبيبها العاجز عن مضاهاتها بما تمتلكه من خبرات حياة وأنوار إشراقية.
فالمتشائمون والقانطون، يتجاهلون الذخائر الحضارية الكامنة في أعماق الأجيال، وهي كالبذور الراقدة في تربة الوجود تنتظر الظروف المؤاتبة لإنباتها، وصناعة المروج الخضراء.
إن يوم السطوع والتوهج الوطني بات قريبا، فالأذهان تفتحت والعقول تفعلت، والإرادات تحمست، والثقة تعاظمت، والكينونة إنطلقت، وغدنا باسل عزيز، وحاضرنا يسير نحو مجدٍ أثيل.
و"ليس ثمة مكان أغلى من الوطن"!!
و"الوطنية تعمل ولا تتكلم"!!
***
د. صادق السامرائي