أقلام حرة

صادق السامرائي: غرناطة وبغداد!!

سقطت بغداد قبل غرناطة لكنها نهضت، وسقطت غرناطة وما نهصت، وسقطت بغداد في عام ألفين وثلاثة وستنهض من جديد وتتعافى، كما نهضت وتعافت بعد سقوطها بسبب الغزو المغولي الهولاكي الفتاك وما بعده من الغزوات.

فسقوط بغداد كبوة وسقوط غيره إنتهاء لا نهوض بعده . والذين يعتدون على بغداد أما يجهلونها، أو أنهم مرعوبون من طاقات نهوضها وإنطلاقها الحتمي من رماد ويلاتها وتداعياتها.

بغداد وجدت لتبقى وتدوم وتقود وتنير وتبعث البشرية من رقداتها المتنوعة، ففيها إرادات صيرورات لا حدود لها، وتختزن قدرات تألق وإمتداد في أعماق الإنسانية.

بغداد رمز الحضارة والحياة والقوة والمجد الأثيل السامق الشاهق، الذي يرفل بالعزة والبهاء والعلاء.

بغداد ليست مدينة كأي المدن، ولا كينونة بلا جوهر ومظهر، بغداد تعبير عن فكرة كونية وآليات ديمومية خالدة متجذرة في عمق المكان والزمان.

فلماذا يُعادون بغداد؟!!

هل لأنها عباسية الملامح والأسس والمنطلقات؟

هل لأنها مدورة منورة بالرموز الحضارية الخالدة؟

هل لأنها تذكّرهم بالعروبة العزيزة المجيدة الساطعة؟

هل لأنها عصية على المحق والفناء؟

هل لأنها ذات قامة سامقة تشعرهم بذلهم وهوانهم؟

إنهم يتحاملون على بغداد لهذه الأسباب وغيرها الكثير، لكنهم لن ينالوا منها مهما توهموا وتصوروا، ولن تتنازل بغداد عن دورها ورسالتها وقدرتها على الحياة، وإن سقطت ألف مرة ومرة، فأنها لن تموت ولا مرة، وستنهض من تحت ركامها.

وإن بغداد لنجمة ساطعة في ظلمات ليالي الوجود العربي والإنساني.

وإن بغداد حية لا ولن تموت!!

***

د. صادق السامرائي

19\9\2018

 

في المثقف اليوم