أقلام حرة
ضياء محسن: الله وتطور الإدراك البشري
حين اسكن الله تعالى آدم مع زوجه الجنة مع بني جنسه وأقواما آخرين أنزل الله تعالى إليه أول تكليف سماوي بأن لا يأكل من شجرة ما وهذا يدل على أن المخلوق الأرضي العاقل تربطه علاقة فكرية بدائية مع خالقه وعلى دراية بوجود وفهم الخالق وإلا لما كان له الخيار في المعصية والقبول لكنه فضل المعصية واستحق على أثرها العقاب بالنزول من الجنة التي كرمه في أسكانها وحين أنتشر البشر على وجه الأرض زادت معرفته وإطلاعه على محيطه وتعقيداته على ضوئها زادت حاجته لمعرفة خالق وصانع وواجد ومدبر لهذه المخلوقات والكواكب والظواهر الطبيعية من حوله لتجنب تأثيراتها على حياته ولتبديد خوفه منها حيث يقدم القرابين لها خوفا وطمعا. أن أكثر الناس الذين عبدوا الحجارة والظواهر الكونية والكواكب في ملكوت السماوات لديهم كل القناعة بأنها لا تضر ولا تنفع في دنياهم ومن جهة أخرى ضمن تفكيرهم أن هناك قوة خلاقة صانعة وخالقة خارج وعيهم البشري لها القدرة المطلقة للخلق والإبداع الصوري والتأثير على حياة البشر في نطاق معرفته المحدودة لهذا أتخذها وسيلة وحبل وصل للوصول إلى الخالق البعيد عن تصوراتهم الحسية ومدى قوته في عقابهم ومسائلتهم وفي طاعتهم له حيث نشأة أول ولادة لعبادة الله تعالى هو الخوف من الظواهر الطبيعية حيث كانت الرمزية والاهتمام بها ومحط أنظار الإنسان فرسم في مخيلته البسيطة أن هذه الظواهر لها تأثيرا قويا عل مجريات حياته وتركت في نفسه الخوف منها بعدها أستطاع أن يوقد جذوة فكرة بسيطة بوجود الإله الواحد الصانع الخالق لهذا الكون والانصياع والشكر وتطبيق مراده لتنظيم حياته لنقله من الوسط المعيشي الفوضوي إلى الارتقاء لما هو أفضل لبناء الوحدة الأساسية في مجتمع موحد متماسك جمعي ذكوري التسلط فقد مر الإنسان بمراحل لمعرفة عبادة الله تعالى وتطبيق تعاليمه .
أولا: مرحلة ما قبل الرسالات الدينية والتكليف الإلهي وهو ما ذُكر أعلاه من توضيح بسيط لفكرة العبادة .
ثانيا: مرحلة الأنبياء والرسل الغير مكلفين بالرسالة الإلهية كانت وظيفتهم الوعظ والإرشاد لطريق الحق والنذر والتبشير .
ثالثا: مرحلة الأنبياء والرسل أصحاب الرسالة السماوية المكلفة بالتعاليم والشرائع والسنن والتكليف التي نقلت المجتمعات من الفوضى في العقيدة والعيش إلى ناس وأقواما أكثر تحضرا فقد جاءت لأقوام بعينها في الزمان والمكان في عصر التي كانت القرية هي نواة المجتمعات حيث تعددت الإلهة وتوحدت التجمعات البشرية بعدها طغوا وعلوا وتجبروا في الأرض وفسدوا فيها بفساد عقائدهم البشرية وابتعادهم عن الله الحقيقي وأوجدوا له شركاء وندا في الأرض لهذا حق عليهم التبليغ والنذر .
رابعا: مرحلة انقطاع الرسل والأنبياء والوحي الإلهي وهي مرحلة مهمة ومفصلية للبشر والحياة الدنيوية استعدادا للآخرة والفناء كونها قد استكملت الرسالة الأخيرة للنبي محمد صلوات الله عليه وختمت ما قبلها من الرسالات وبوصول العقل البشري للفهم وإدراك مراد السماء والتهيؤ للمستقبل بعدما شملت هذه الرسالة العالم كله والبشر جميعا وأصبحت حجة عليهم قائمة لقيام الساعة وبوصول العقل البشري إلى النضج حيث لا يحتاج إلى بشير ونذير سوى الإرشاد والتثقيف ورياضة العقل على التفكير الصحيح بعيدا عن الأهواء والتأثيرات الخارجية المشبوهة للوصول إلى معرفة الله تعالى حق المعرفة الخالق والمصور المدبر للكون وللحياة فكلما ابتعدنا عن عصر الرسالات والأنبياء كلما زاد إيماننا بعقيدتنا وبالله وقدرته وحكمته من خلال ما وصل الإنسان من العلم والتطور والإطلاع على مكنونات الكون وأسراره وبهذا التطور النسبي للعقل البشري يجب أن يكون ازدياد مطرد على معرفة الله تعالى الصانع والخالق لكل شيء .ومن هنا تأتي المسئولية الكبرى على رجال الدين وأصحاب الفكر التنويري الصحيح النقي في حماية الفكر الإنساني والعقل البشري والقلب من الانحراف العقائدي والفكري والسعي الحثيث في تشذيبه وتهذيبه وصيانته من المحاولات التي تودي إلى بعثرت أفكاره وتغير سلوكه الفكري والحياتي والعقائدي في نطاق التعقيدات الجديدة وإرهاصات العالم في الحياة البشرية المتسارعة في الوتيرة للتطور مقابل سعي الأعداء والمشككين بوجود الله تعالى كخالق للبشرية والكون وتدمير الإنسان من الداخل والخارج وفق مناهج خبيثة بالتلاعب في فكره وعقله وسلوكه مقابل فكرة كلما تطور المصنوع عظم الصانع وكلما عظم الخالق تنزه من الشراكة والثنائية والعبث في العمل وإلغاء وجوده.
***
ضياء محسن الاسدي