أقلام حرة
بديعة النعيمي: الحرب على غزة (83): علمونا يا أهل غزة
قام العدو بمصادرة مئات الدونمات من الأراضي الفلسطينية أثناء الحرب على غزة بعد تدمير المباني على الحدود الشرقية والشمالية من القطاع تدميرا ممنهجا يهدف إلى إقامة "منطقة عازلة" مستقبلية على السياج مع غزة في اليوم التالي للحرب ٢٠٢٣-٢٠٢٤. وقد تذرع جيش الاحتلال بأن ما حصل من هدم وتدمير ليس أكثر من "أعراض جانبية" تحصل في أغلب الحروب.
وقد كذبت الدولة وكذب جيشها في هذه الذريعة حيث أن خطة المنطقة العازلة لها نية مسبقة حيث صرحت بأنها ستصادر ٦٠ كلم مربع من مساحة القطاع التي تبلغ ٣٦٠ كم مربع ،وأن هذه الخطة لن تشمل محور فيلادلفيا على حسب ما ادعت.
والجدير بالذكر أن الهدف من إقامة مثل هذه المناطق في الحروب حماية المدنيين.
إلا أن الوضع مع دولة ظالمة ومستعمرة كدولة الاحتلال هو محاولة لاستخدام القوة العسكرية القانونية بهدف تحقيق أهداف سياسية وأمنية.
ومن هنا فإن الخطة تشمل أكثر من مجرد إقامة منطقة عازلة الهدف منها ضمان حماية حدود الدولة "الأمن" أي البقرة المقدسة التي كنت قد تناولتها في مقال سابق، بالإضافة إلى منع تكرار حدوث ٧/أكتوبر. فهي تشمل تدمير حماس والخروج بقطاع منزوع السلاح والقضاء على ما تسميه دولة الاحتلال "تطرف" داخل القطاع وعدم السماح لأي فلسطيني من الدخول إليها.
وقد صرح وزير الخارجية "إيلي كوهين" بذلك حيث قال "في نهاية هذه الحرب لن تظل حماس موجودة في غزة فحسب بل ستنخفض أيضا مساحة غزة".
وبالرغم من موقف الولايات المتحدة المعارض لتقليص حجم الأراضي الفلسطينية بعد الحرب ، إلا أننا بتنا متأكدين أنها تكذب وأنها هي التي تدفع بحكومة الاحتلال لتوسيع رقعتها كون هذه الدولة قاعدة لها في قلب الشرق الأوسط.
فدولة الاحتلال لا تخجل من نهش الأراضي الفلسطينية ولا تشبع منها لأنها تعلم أن الولايات المتحدة التي ساندتها منذ وعد بلفور لن تتركها كحليف وقاعدة، هناك أيضا من يساندها في عملية النهش وهي الأنظمة العربية التي كان لها دورا بارزا ومهما في هذه الحرب. والشمس التي لن يغطيها غربال الكذب هي الحقيقة المرة بأنها كانت شريكة في عمليات الإبادة والتجويع لشعبنا في غزة ويجب محاسبتها لهذا الدور المخزي لا من قبل المحاكم الدولية لأنها صهيونية إنما الحساب لا بدّ أن يأتي من طرف الشعوب.
لا بدّ من قيام عهد جديد خالٍ من المطبعين والمتواطئين.
هذا العهد لن ينتفض ما لم تنتفض الشعوب من أسفل رماد الخذلان ،في طوفان مشرف يقتلع العروش والكراسي التي جثمت على صدورنا عقود كثيرة، أضاعت الكرامة عندما فرطوا بفلسطين وباعوها بثمن بخس.
فعلمونا يا أهل غزة كيف تُنتزع الحرية انتزاعا.. علمينا يا مقاومتنا المباركة كيف نستعيد الكرامة. كيف نذهب للموت دون أن يأتي إلينا..
علمونا وعلمونا أن لا نصر دون دماء ولا شهادة دون إيمان ولا عودة للأرض دون تضحيات.
***
بديعة النعيمي