أقلام حرة
بديعة النعيمي: الحرب على غزة (55): اختفاء قسري
تصاعدت عمليات الاختفاء القسري وما يعقبها من إعدامات في ضوء استمرار الإبادة الجماعية في غزة. وما إصرار جيش الاحتلال على إبقاء المعتقلين رهن الإخفاء إلا نيته في تنفيذ المزيد من التعذيب بحقهم، حيث رفض الجيش تزويد المؤسسات الحقوقية التي تطالب بالكشف عن مصيرهم وأماكن تواجدهم.
غير أن بعض ما حصل مع هؤلاء المعتقلين أخبر عنه من أفرج عنهم بعد أسابيع من اعتقالهم. حيث تحدثوا عن التنكيل والتعذيب الذي تعرضوا له أثناء مدة اعتقالهم. لكن عدد غير قليل ممن لم يظهروا كانت قد طالتهم يد الغدر فنفذت بهم عمليات القتل. فقد اكتُشفت مقبرة جماعية في شمال قطاع غزة تضم ما يزيد عن ٣٠ جثة متحللة، تم قتلهم وهم معصوبوا الأعين ومكبلي الأيدي.
وما هذه المقبرة إلا غيض من فيض من الانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال بدعم من الولايات المتحدة ودول الشيطان وخنوع العرب ومباركة من اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها وقوانين منظمات حقوق الإنسان.
لكن لا ضير في كل جريمة حرب أن نذكر ما نصت عليه هذه الاتفاقيات والقوانين التي بات الجميع يعلم زيفها وكذبها.
حيث يعتبر الاختفاء القسري في القانون الدولي معقد فهو يشمل مجموعة من جرائم الحرب المنفصلة أولها - الاعتقال غير الشرعي وقد تناولته في مقال سابق.
أما ثاني هذه الجرائم فهو - الحبس وثالثها - جريمة القتل"الإعدام غير الشرعي".
وهنا فإن عملية الاختفاء ما هي إلا اعتقال شخص ما بسرية بحيث لا يسمح بأي نوع من الاتصالات مع العالم الخارجي وقد يشمل اختفاؤه التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، وقد ينتهي الأمر به إلى القتل.
وينص القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بالمرحلة الأولى"الاعتقال" "أن على السلطات أن لا تقوم باعتقالات تعسفية، ويجب أن تستند إلى أسس قانونية سليمة عندما تحتجز شخصا وتبقيه لديها ضد إرادته".
أما بالنسبة للجريمة الثانية "الحبس" فينص البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف على أن للشخص حالما يتم احتجازه حق المعاملة الإنسانية من ضمنها حق إرسال رسائل وتلقيها وأن لا يجبر على اعتراف بالإضافة إلى أمور أخرى.
أما الجريمة الثالثة فهي جريمة التعذيب التي قد تصل إلى القتل وهو أمر غير قانوني أيضا. ويعتبر نظام محكمة الجنايات الدولية الأساسي الصادر في روما عام ١٩٩٨ بصراحة على أن " الاختفاء القسري للأشخاص ..جريمة إنسانية إذا ارتكب بشكل واسع ومنظم".
وفي غزة لا استثناء في حالات الاختفاء القسري، فالرجال والنساء والأطفال جميعهم تعرضوا لمثل هذه الممارسة.
وغالبا ما تستخدم دولة الاحتلال جريمة مثل هذه كاستراتيجية لنشر الرعب في غزة.
***
بديعة النعيمي