أقلام حرة
ابراهيم الخزعلي: نصيحتين لليهود.. لا للصهاينة الحرب وما أدراك ما الحرب!
"الحرب هي أن تلتهم الأرض لحوم البشر" الفيلسوف الصيني منسيوس
فهي الموت والخراب والدمار، ولا تأتي إلاّ بالكرب والأوجاع والبلاء..
فلا يوجد إنسان عاقل وسوي، وذو ضمير حي يُحب الحرب أو يرغب بها، لأنها كما قلنا، أن الحرب تعني الموت الجماعي!
وأي موت..؟
فلا شك أن الموت هو ظاهرة طبيعية في الحياة الآمنة الطبيعية، ولا مفر منه، أما الموت في الحرب هو ليس كما في حالة السلم، فالموت في السلم بين الأهل والاحبة، إذ تُقام مراسيم الحزن والدفن، وبإحترام، والتوديع بأمن وسلام .أمّا الموت في الحروب، فهو شئ آخر مرعب .
فعندما نذكر كلمة الحرب، سرعان ما يتبادر الى الذهن الموت، أما عندما نذكر مفردة الموت، فلا علاقة لها بالحرب ..
إذاً الحرب تعني الموت، أمّا الموت، فلا يعني الحرب.
فالحرب تجعل الأنسان يموت في كل لحظة، وكأن الموت غبار ينتشر في الهواء الذي يتنفسه الأنسان .
ففي حالة الحرب تضيق آفاق الوعي، وتنبعث النزعة العدوانية الشريرة وتسقط القيم الانسانية والعقلانية، وتهتز روحية الأماني والطموح، والتطلع نحو الحياة الأفضل المشرقة.
فالحرب تجعل من فكرة الموت ناقوس يدق القلوب والأحاسيس قبل الاسماع .
ويتحول الزمن الى كابوس يجثو على الصدور، وتتفجر في كل لحظة براكين الرعب والقلق والخوف، وينتاب الأنسان الشعور بدنو الأجل، وانعدام الحياة والى الأبد. وكما قال الفيلسوف لوكيوس أنّايوس سينيكا: " الخوف من الحرب أسوأ من الحرب نفسها " .
فالحرب لم تقف عند نقطة الأحساس بالموت فحسب، بل تجعل من المخيلة بؤرة مظلمة للأوهام والكوابيس المرعبة في اليقضة والنوم، وكأن الموت يكشر أنيابة في كل ما تقع عليه العين، وفي الأحلام .
هذا العالم المرعب الذي يصنعه تجار الحروب، والامبريالية العالمية، ووحوش رأس المال العالمي، وشياطينه المتلبسة بجلود بشرية، وسماسرة بيع آلات الموت والقتل، من التجّار الفجرة المنتفعين من الجرائم والقتل والخراب والدمار، ليستثروا بفحش، ويتمتعوا بخسّة ودناءة، وبالمقابل، الفقر والموت والضياع للاكثرية الساحقة من الشعوب، فإن لم يُشعلوا نار الحروب، فلا حياة ولا استثراء ولا استعلاء وتفوق، وذلك على حساب البشرية، كحفار القبور، تمتد عيناه في كل الجهات، إن لم يجيئوا بأموات ليقبرهم، سيموت جوعاً، ويكون هو المقبور.
فمن يا ترى يرغب بالحرب التي تجلب له كل ما ذكرناه آنفا.
فالحياة الأنسانية جميلة بألوانها العرقية والمذهبية والثقافية والأيدلوجية في الحياة الطبيعية، فلا أفضلية لأحد على الآخر، إلاّ بما يقدمه للأنسانية من عطاء، ولا يكون ذلك إلّا في حالة السلم والأمن ..وكيف يكون التعايش السلمي بين الناس، والشعوب، وتجار الحروب له كارهون ..؟
فكلما كثرت الحروب وأنتشرت، إزداد بيع آلات الحرب، ونشطت حركة مصانعهم في الأنتاج والتصنيع، وهذا يعني انتعاش أسواق بيع الأسلحة .
فتجار الحروب لا يروق لهم الأمن والسلم العالمي الذي تنشده كل البشرية على سطح كوكبنا، وعلى حدّ سواء، لأن حالة السلم تعني انها تصطدم بمصالحهم، ومنافعهم في تجارة الأسلحة، ويعيق ما يرومون اليه، ويؤدي بالتالي توقف التصنيع ومن ثم اغلاق مصانع آلات قتل الأنسان وخراب ودمار الحياة.
وما نشهده اليوم من حرب عدوانية همجية جديدة قديمة تخوضها ادوات الشر في الأبادة الجماعية بحق شعب أعزل اغتصبت أرضه، وسلبت حريته من قِبل قوى الأستعمار العالمي منذ 75 عام بتشريد الشعب الفلسطيني وذلك بتأسيس كيان صهيوني، لا حبا باليهود، بل طمعاً بالمنافع والاستثراء، مع العلم ان أكثر عدائية واضطهاد واجه اليهود وتلقّوه هو من دول اوربية، وكانت بريطانيا أول دولة قام الملك ادوارد الاول في 31 آب 1250 بطرد اليهود من بلاده، إذ أن بريطانيا تُعتبر أول دولة تتخذ هذا القرار، ومن بعدها توالت في اضطهاد اليهود المجر في 1349، وفرنسا 1394، والنمسا 1421، واسبانيا 1492، والبرتغال 1497، ونابولي 1510، وميلانو 1597، وما الى ذلك من كره العنصر الأبيض الأوربي لليهود، والأعتداء عليهم.
بينما عاش ويعيش اليهود في دول المشرق والمغرب العربي، والبلدان الأخرى، مثل ايران وتركيا واوزبكستان واذربيجان والهند وكازاخستان، ويعاملون معاملة انسانية وحضارية كباقي المواطنين .
ولكن الدول الأستعمارية الذين هم اليوم يتظاهرون بتضامنهم ودعمهم للكيان الصهيوني في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني عموما، وغزة خصوصا، فهم حين اتفقوا انذاك على تأسيس كيان لليهود استندوا على اسلوبين ليخدعوا به اليهود، أولاً هو الترهيب الذي بيّنوا فيه ان اليهود طالما يعيشون في الشتات وتعرضهم للاضطهاد من قِبَل الذين يكنون العداء لهم والأعتداء عليهم، هو ليس من صالحهم العيش في مختلف انحاء العالم، والأسلوب المخادع الثاني لليهود هو الترغيب بأرض الميعاد، والعيش بحرية واستقلال وأمان على أرض فلسطين، المدينة الفاضلة التي تنتظرهم، وفي الحقيقة أن كِلا السببين، كذب وخدعة، لأن الذين اضطهدوا الشعب اليهودي، لا يمكن أن يكونوا محبّين له ولا ظهيرا.
فالدول الأوربية التي يتحكم بها دافع المنافع في منهجية النظام الرأسمالي، فلا يهمهم، لا اليهود ولا أي شعب، سوى التوسع في الهيمنة الأستعمارية، ونهب خيرات الشعوب والأمم، أينما وجدت.
فيا ترى هل أن هذه القوى الشريرة، الطامعة المتمثلة في محور الشر( بريطانيا وألمانيا وفرنسا) وعلى رأسهم أمريكا هي محبة حقّاً لليهود حين أسست الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وسحق الشعب الفلسطيني وتشريده عن أرضه ؟!
إذاً ما قامت به الدول الأوربية وعلى رأسها بريطانيا في إقامت كيان صهيوني بموجب وعد بلفور المشؤوم على أرض فلسطين، هو ليس حبّاً لليهود، وإنما استخدام اليهود كأداة لمآربهم وأطماعهم الدنيئة، وزرع الكيان الصهيوني في المنطقة كقاعدة للتآمر حتى وإن تعرض اليهود لما لا يتوقعونه من تصادم دموي، فالكل سواء بالنسبة للدول الاستعمارية، ولسياسة التآمر والعدوان على الشعوب، والهيمنة عليها.
وما قادة الكيان الصهيو- امريكي – غربي إلّا أدوات قوى الشر والعدوان.
فليس هناك أية أخلاقية حضارية، ولا قيم إنسانية في النظام الرأسمالي، وهذا ما أكّد عليه ترامب، وهنا ملخص ما قاله للعالم، نهاراً جهارا، وبامكانكم الأطلاع عليه كاملا عن طريق الأنترنت، " أيّها السادة: اليوم قررت أن أخبركم بكل ما يجري، والى أين يتجه العالم في كل المتغيرات التي حصلت طيلة( 400) عام، تذكرون عام 1717 الذي كان ولادة العالم الجديد .. وتذكرون ان أول دولار طبع عام 1778، ولكي يحكم هذا الدولار $، كان العالم بحاجة الى ثورة، فكانت الثورة الفرنسية 1789 تلك الثورة التي غيّرت كل شيئ، وقلبت كل شيئ، ومع انتصارها انتهى العالم الذي كان محكوماً طيلة 5000 سنة بالأديان والميثولوجيات، وبدأ نظام عالمي جديد يحكمه المال والأعلام .. عالم لا مكان فيه لله ولا للقيم الأنسانية ..
لا تستغربوا أننا عينة من هذا النظام العالمي الجديد، هذا النظام يعرف طبيعة عملي الخالي من القيم الأنسانية والأخلاقية، فأنا لا يهمني أن يموت المصارع، ما يهمني هو أن يكسب المصارع الذي راهنت عليه، ومع ذلك أوصلني النظام العالمي الى الرئاسة، أنا الذي أدير مؤسسات القمار، وأنا اليوم رئيس أقوى دولة، إذاً لم تعد المقاييس الأخلاقية هي التي تحكم، الذي يحكم اليوم العالم والكيانات البشرية هي المصالح .."
أجل .. هذه هي امريكا ومحور الشرالعالمي، وما يقومون به من جرائم دليل على ذلك، وما خفي من مؤامرات ودسائس أعظم .
فما قامت به الدول الأستعمارية على إمتداد تأريخها الدموي، من جرائم وحشية بحق الشعوب، وهيمنتها، ونهب خيراتها، ونشر الخراب والدمار فيها، ولا حاجة لتوضيح ما هو واضح وبيّن للجميع .
و ما تطرق اليه ترامب، ليس هو بالشئ الجديد، ولم يكشف سرّاً، فالتأريخ الأجرامي لهذه الدول الأستعمارية يعرفها حتى الذين لا يقرؤون ولا يكتبون، لأن الدماء التي تلطخت بها اياديهم لا، ولم تُمْحَ أبدا.
فما يجري اليوم من سفك للدماء، وابادة جماعية للشعب الفلسطيني، وغزة بالخصوص على أيدي أدواتهم في تل أبيب، هو حلقة من سلسلة جرائمهم الطويلة .
فمن هنا أقول لليهود لا للصهاينة الأوغاد، أننا شعب يحب الحياة، كما أنتم وكل الشعوب التي تتطلع الى حياة أفضل، ولا نحب الموت لأنفسنا، ولا للآخرين، ولم نعتد يوما على الآخرين، ولم نغتصب أراضي الغير، ولم نضطهد شعبا قط، ولكن من أجل كرامتنا أمام قوى الشر لا نبالي، إن وقع الموت علينا أو وقعنا على الموت، فإذا كان ثمن الكرامة هو الموت، عندها يكون أحلى من العسل، لأن الدماء التي تسيل من جراحاتنا، فهي تسقي شجرة الحرية التي ينعم بثمارها الأجيال القادمة، فنحن لا نعتدي على احد، ولا نحمل أية نزعة شريرة إتجاه الغير، فمن طبيعة الأنسان الخَلقية والخُلقية لا يحب أن يُعتدى عليه أويُسلب حقه ويُهان، والعالم أجمع يعرف أننا عانينا مذ خدعتكم قوى الشر العالمي 1948 بأرض الميعاد، والمدينة الفاضلة المزعومة، والأمن والأمان، بإقامة هذا الكيان المصطنع بقيادة العصابات الصهيونية المجرمة المدعومة منهم، والتي لا تمت بأية صلة بالديانة اليهودية ولا باليهود، كما عبرعن ذلك الشخصيات البارزة من حاخامات ومثقفين وتقدميين، حيث لم ينقادوا ولم ينخدعوا بلعبة الأمم، تلك القوى الطامعة والاستعمارية التي لا قيمة للأنسان عندها، سوى مطامعها ومنافعها.
فنحن نعرف الكثير من اليهود الذين عاشوا معنا في العراق، وساهموا في ثقافة العراق وبنائه كأيّ عراقي، ونعرف انهم على الرغم من طول المدة الطويلة التي انقطعوا عن العراق، لكنهم لم ينقطعوا عن حبهم لماضيهم وذكرياتهم وعاداتهم وتقاليدهم العراقية والارض التي ولدوا فيها، وكما ذكر لي بعض الأخوة الفلسطينيين سابقا، أن يهود العراق يقولون لو كان بإمكاننا ان نترك كل ما نملك مقابل ان نرجع للعراق لفعلنا وبكل سرور، وهذا إعتراف منهم ودليل على أنهم كانوا يعيشون معنا بأمن وآمان وبكل احترام، وهذا ينطبق على كل اليهود الذين خُدعوا أو أُجبروا على الذهاب الى فلسطين .
فنحن لا نقول بإبادة اليهود بالقنبلة الذرية كما صرّح احد وزراء الكيان الصهيوني المجرم، وكذلك لا نقول : كل يهودي صهيوني، ولا كل صهيوني يهودي، فهناك أكثر صهيونية من الصهيوني اليهودي من غير اليهود، ولا حاجة لتعريف المعرّف .
فكم .. وكم من اليهود الذين نراهم يتظاهرون ضد الجرائم التي يقوم بها نتنياهو وعصابته الأجرامية في سفك الدم، وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني .
فالنضال والجهاد ضد قادة تل أبيب الصهاينة هي ليست ضد اليهود.
فالحرب كما اسلفت، هو من ورائها تجار الحروب، وهم تلك الدول التي دفعتكم ترهيبا وترغيبا. فكنتم ونحن الضحية على حد سواء، ولا فرق لديهم .
فكما تحبون أطفالكم، فنحن كذلك، وانتم ترون هذا المجرم النتنياهو مايقوم به من جرائم يندى لها جبين الأنسانية .
فالرهائن الذين عند المقاومة الذين اسّرتهم وصرحت انها تريد اطلاق سراحهم مقابل اطلاق سراح اخواننا واخواتنا في سجون قادة تل أبيب منذ سنين، وعوائل الطرفين يريدون تحرر أحبتهم، أما المجرم النتنياهو وعصابته لا يهمهم الرهائن إن عاشوا أو ماتوا، وكذلك أنتم ترون بأم أعينكم اهلنا في غزة، وهم يتعرضون الى إبادة جماعية، وأغلبهم من الأطفال والنساء، وفي الضفة كذلك، بنيران حرب جنونية، يقوم بها عصابات تل أبيب وعصابته المجرمة .
فنصيحتنا لليهود هي لكل مَنْ يتمكن من الخروج من الجحيم والموت، فليرحل من حيث أتى بأسرع وقت، ولا يجعل من نفسه ضحية لكراسي قادة الكيان المجرمين، ولا تجعلوا من أنفسكم حطباً ووقوداً لهذه المحرقة التي اشعل نارها قادة الكيان الصهيو – أمريكي – غربي استعماري، هذه النصيحة الأولى، أمّا النصيحة الثانية، وهي لمن لا يتمكن من الخروج، فليخرجوا الى الشوارع رافعين أصواتهم صارخين بوجه النتنياهو ومن حوله بايقاف الحرب والمطالبة بابنائهم الرهائن، وقد أُعْذِرَ مَنْ أَنْذَر..
أما الصهاينة القتلة وقادتهم، ومن وراءهم فلنا معهم حساب عسير، وسيدفعون ثمن دماء ضحايانا غاليا..
***
الدكتور ابراهيم الخزعلي
6/11/2023