أقلام حرة
علي حسين: أحزاب يا شعب أحزاب
عادت الديمقراطية العراقية إلى هواية إطلاق النكات، ففي انتخابات عام 2005 الأولى حققت حلم العراقيين بأن أجلست إبراهيم الجعفري على كرسي رئاسة الوزراء وتعلمنا منه كيف يمكن ان يكون الحكم " معجونيا " !!،
وفي المرّة الثانية أيقظت فينا روح "السيادة" بأننا رفعنا شعار " ما ننطيها " مع السيد نوري المالكي وإشاعة مفهوم دولة القانون ثم توالت الانجازات التي استطعنا من خلالها أن نؤسس مفهوماً جديداً للعدالة الاجتماعية يسمح للنائب بأن يؤسس فضائيات ويشتري الفلل في بيروت، ويهرب الأموال، وهذا المشروع الديمقراطي قضى على المؤامرات العالمية، وجعل ساستنا يضعون رِجلاً على رجل، يضحكون على الذين يقدمون استقالاتهم لأن المسؤول ارتكب خطأ إدارياً أو تنمر على مواطن، فنحن أسياد على ديمقراطية الكرة الأرضية .
فعلاً، تدفعنا الديمقراطية العراقية إلى الأسى، ليس لأن ما يحدث من خلالها يؤشر على المهزلة التي وصلنا إليها، وإنما لوجود أخبار من عينة هذا الخبر الذي يقول: "منحت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، إجازات لـ268 حزباً سياسياً جرى تسجيلها ككيانات سياسية، في إطار الاستعداد للمشاركة بانتخابات مجالس المحافظات". ياسادة أن نقرأ مثل هذا الخبر في هذا الوقت بالذات، يجعلنا بالتاكيد نؤمن بأننا نعيش عصر الخراب في كل شيء، من السياسة إلى الاقتصاد إلى التعليم إلى الصحة .
صحيح أننا، نعيش منذ سنوات عصر الترفيه، الذي ابتدأ بإطلالة محمود الحسن، إلا أن وجود أكثر من 260 حزباً يفرق كثيراً، لأن هذه الأحزاب مصرّة على أن تتسلّى على المواطن المسكين، إلاّ إذا كان العراقيون جميعاً قد أُصيبوا بعمى البصيرة، فصاروا لا يشعرون بحجم الإنجازات الكبيرة التي تحقّقها الديمقراطية العراقية كلّ يوم في مجال تحديث الصناعة وإنشاء المدن الذكية والقطارات المعلقة والتأمين الصحي، ولا يستطيعون رؤية الإنجازات التي تسير بسرعة الضوء.
ولأن خبر مفوضية الانتخابات جاء مضحكاً وخفيفاً، بما يجعلك تضرب كفّاً بكفّ، وأنت تقرأ أن بعض الأحزاب المدنية تريد أن تدخل انتخابات مجالس المحافظات باسم تشرين ونسيت او تناست أن شباب تشرين خرجوا بسبب فساد هذه المجالس ونجحوا في اسقاطها . لكن يبدو أن شعار الأحزاب العراقية في هذه المرحلة هو "يمضون ونبقى" مع رفع شارات النصر.. أما من الذي سيمضي؟ فبالتأكيد هو الشعب الذي تظاهر ضد وجود مجالس محافظات منتهية الصلاحية.
من أين لساستنا ومسؤولينا كلّ هذه الطاقة الجبّارة والقدرة على إطلاق النكات في وقت أخبرتنا إحصائيّات وزارة التخطيط عن نسب الفقر في محافظات تملك أكبر خزين للنفط في العالم "البصرة وكركوك"؟، لكن يبدو أن وزارة التخطيط، تريد أيضاً تشويه صورة الديمقراطية العراقية!!
***
علي حسين