أقلام حرة
هيثم البوسعيدي: حتى لا نرى مرضى في بيئات العمل
ضرورة التواصل الدائم بين طرفي العمل الموظف والمسؤول مهم جدا في بيئات العمل حتى ينعكس ذلك أثره إيجابيا على العمل، فضعف التواصل بين الطرفين وتقزيم العلاقة في نطاقات ضيقة لها مخاطر عدة حينما تكون مختصرة على سؤال وجواب وتعليمات محدودة.
وإذا توفرت السبل السهلة للتواصل وعقد اللقاءات مع الموظفين والتشارك بالآراء وبرزت صور الاحترام والتقدير والثقة مهما اختلفت المستويات الوظيفية للموظفين أصبحت عقد العلاقة متينة ومتماسكة والعكس صحيح كلما غدت روابط التواصل بعيدة كل البعد صار عقد العلاقة أقرب إلى الانفلات.
هناك عدة صور في بيئات العمل من خلال دراستها نكتشف حجم البون الشاسع بين الطرفين فخذ على سبيل المثال حينما تحارب الاجازات للموظفين بحيث لا يستطيعون أخذها في أوقات محددة وبطريقة منظمة فربما لا يتضرر العمل حينما تأخذ في تلك الأوقات وعندما يمنع الموظف من حقه فهنا يمارس عليه التمييز.
إذا الاجازة حق أصيل للموظف كما أنها منفذ للراحة والتجديد وفرصة بعد التمتع بها للعمل بصورة أفضل وتقديم جهد مغاير، لذا حينما لا نجد خطة إجازات واضحة بالتقسيم أو الدائرة ينعكس أثر ذلك على العلاقة بين الطرفين وتبدأ النفوس بالتنافر وتكثر المشاحنات والتي تفضي لما لا يحمد عقباه.
وما ذكرناه من مثال نقطة في بحر وما سبق يجرنا نحو التساؤل عن تفاصيل تعد جدا مهمة مثل الضغوط التي تعترض حياة الموظف بفعل حياته الشخصية أو بفعل تصرفات المسؤولين وأيضا تفاصيل وجوده بالمؤسسة التي لها انعكاسات على العمل.
فربما على سبيل المثال يحمل الموظف بذاته أفكار واعتقادات خاطئة حينما يقل التواصل وتتنوع التصرفات والسلوكيات السلبية في بيئة العمل وهنا نحن بحاجة إلى إدارة ذات قدرات فذة قادرة على تشجيع الموظف على طرح مكنون نفسه لأن تراكمها والسكوت عنها وكبتها له تأثيرات نفسية على الموظف وحتى على الأداء الشخصي والأداء العام، وهنا قد نلجأ إلى اللقاءات بين الموظفين التي لابد وأن تكون على مستوى عال من الود والسماحة والشفافية فتكون على صورة اجتماعات أو لقاءات أو تجمع خارج نطاق العمل للاحتفال بمناسبة أو تكريم مجموعة من الموظفين.
ما سبق كله يؤدي إلى كسر النمط الروتين اليومي كما تشجع الحوارات في أمور الحياة العادية حتى الموظفين على مصارحة مرؤسيهم لاحقا بمشاكلهم بالعمل.
إذا نحن لسنا بحاجة فقط إلى عمل ومتابعة وتنفيذ وتقييم وهي وظائف الإدارة الاساسية التي لا تتم إلا بها ولكن نحن بحاجة أيضا أن يرافق ذلك كله وعي من قبل الإدارة لأهمية وفاعلية وفعالية التقارب معهم.
أخيرا يجب أن تمد الادارة يدها للموظفين لأن أعمارنا المهنية قصيرة مهما طالت وفقا لمقياس الزمن فأما نكون إخوان وزملاء ورفاق بالمعنى الحقيقي وإما أن نكون مع بعض بالإكراه ونشهد البعض يتحول مع مرور الايام من موظفين إلى مرضى بحاجة إلى علاج بعد أن كان المؤمل منهم انتاجية ودفع الخدمة إلى الأمام.
***
بقلم : هيثم بن سليمان البوسعيدي