أقلام حرة
لمى ابوالنجا: حدود الحرية الشخصية بين الأزواج!!
من القناعات الخاطئة الشائعة والمتوارثة إجتماعياً عن الثقة والإخلاص هي إذابة الحدود الشخصية بين الزوجين والإنفتاح الكلّي على الآخر وإقحام الشريك في كل صغيرة وكبيرة وأي رفض لذلك الإنكشاف المطلق أو المطالبة بحدود معيّنة يعد إشارة مبطنة إلى خيانة ما محتمله للحياة الزوجية..
أحد أشهر هذه الأمثلة هو:
(عدم وضع رقم سري للهاتف ولحسابات السوشال ميديا)
هذا التصرف شائع جداً. والغرض منه إثبات حسن النيه من كل طرف للآخر أنه لا يوجد لديه ما يخفيه وبهذا فهو يثبت إخلاصه له ومنحه الضوء الأخضر متى اراد بالعبث بهاتفه والإطلاع على الرسائل وقائمة الأصدقاء وحسابات السوشال ميديا حالما شعر بالغيرة أو الشك للإطمئنان أن ليس هناك مايدعوا للقلق.
في تصرف كهذا عدم إحترام ليس فقط للزوجين فيما بينهما بل هو تعدّي وإنتهاك لخصوصية وحياة كل الاشخاص المحيطين بهما من الجانبين وإنهيار للعلاقات الإجتماعية لنفترض أني أخبرت صديقتي المتزوجة بسر خاص بحياتي لايصلح أن يعرفه أي شخص غيرها لثقتي بها وفتح زوجها الرسائل وقرأ كل شيء! أو صديق حكى لصديقه مشاكل بيته أو عمله وعلمت زوجته بالأمر!
قد يقول قائلاً على سبيل المثال: أنا لا أضع رقم سرّي لهاتفي ولكن هناك قانون صارم بيننا بأن لايفتح أحدنا هاتف الاخر بغير علمه. هو ذات المبدأ لأن العبرة من الأمر هو الحاجة لصلاحية التطفل بسبب إنعدام الثقة من الأساس. وإعطاء صورة خارجية مخادعة فتظهر بمفهوم "أنا بريء وصادق ولايوجد لدي ما أخفيه" بينما هي في الحقيقة عبارة عن تصريح مبطّن": "أني لا أثق بك ولست أهلاً للثقه لهذا يجب ان تترك لي الأبواب مشرعه لمراقبة حياتك اي وقت" غير مدركين أن من أراد الخيانة سيجد لها ألف طريق حتى وإن ضيقنا عليه الخناق وأن الوفاء والإخلاص يأتي تباعاً للحب العظيم وأننا لا نستطيع المطالبه به أو حشره قسراً في قلوب من نحب.
المؤسف هو أن معظم الأزواج الحريصون جدا بالظهور بهذه الصورة المثالية المناهضين لفكرة الحدود الشخصية يعيشون بطلاق عاطفي وكذب على الذات وعلى الاخر بحب مختلق لإعتبارات إجتماعية أو إعتبارات نفسيه بعدم الرغبه بالإعتراف بالهزيمه وسوء الإختيار أو إعتبارات أخلاقية أن الفراق سوف يجرح الشريك الأضعف والأكثر هشاشة نفسياًمن الآخر.
لكل إنسان منطقة راحة ومساحة خاصة جداً لاينبغي تجاوزها لأجل سلامته النفسية.
***
لمى ابوالنجا – كاتبة سعودية