أقلام حرة
في الرد على مقال الأستاذ علي فضيل العربي
حول التلفيقية المنشور بصحيفة المثقف في 12 مارس 2023
بادئ ذي بدء اشكر الأستاذ علي فضيل العربي على اهتمامه وتواضعه في الرد على مقالنا، لكن ومن باب حق الرد أوضح بعض النقاط التي أراها أساسية لحساسيتها
أولا: أشار الأستاذ علي فضيل العربي إلى أن تكسير الطابوهات يعني التجديد والعصرنة والتطوير، في حين يمكن القول أن تكسير الطابوهات يعني إزالة الكبت والغموض والتحفظ عن اشياء ربما لم تكن مقدسة ولكن أعطيت لها هالة القداسة.
ثانيا: مصطلح الإخوان أعطيت له صبغة سياسية، لأن الكثير من وظف الإسلام في الممارسات السياسية ومنهم من استغل حبّ الإنسان لدينه فانجرف بعاطفته في أمور لم ينادي بها الإسلام كالعنف، ثم أن مصطلح الإخوان أطلق على الجماعات الإسلامية في مصر قبل أن يعمّم وتتبناه بعض الأحزاب الإسلامية في الجزائر وهي حركة مجتمع السلم، وكان رئيسها ابو جرة سلطاني يلقبونه بـ: "مراقب الإخوان"، ليس مهما طبعا أن نعرف إن كان هذا المصطلح قديما أم حديثا، ما يهم هنا كيف تم توظيفه سياسيا، وإن قلنا قديما فلماذا لم يطلق على أهل الكهف إذن اسم الإخوان؟، أما "الخلان" هم الإخوان الخلان أي المتحابون، الذين تجمعهم عقيدة واحدة ولهم قواسم مشتركة، والخلّان الذي تحدث عنهم الزاوي كل واحد له عقيدته (مسلم، مسيحي ويهودي) ولكن جمعتهم قضية واحدة هي مناهضة الاستعمار، والفرق شاسع طبعا .
ثالثا: لقد حاول صاحب التعليق أن يستدل بآيات قرآنية وهذا أمر عادي ولا غبار عليه، ولن أجادل في كلام الله لأني لست مؤهلة لذلك ولكن اقول أن ورود كلمة الإخوان في القرآن تشير إلى أمور كثيرة وهي تشمل صفات كالصدق والتضحية والعمل الجماعي والتآخي والتآزر، لا الأنانية والخيانة والإنقلابات، فكل جماعة تحمل هذه الصفات يطلق عليها الإخوان، والسؤال الذي أوجهه للأستاذ علي فضيل العربي طالما عبارة الإخوان واردة في القرآن، لماذا لم تجتمع الحركات الإسلامية في العالم العربي على كلمة سواء ولماذا فشلت في مسعاها في النهوض بالإسلام ونصرته وأنت القائل ان الأخوة مرتبطة بالإيمان وفقا لقوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة)، ثم ألا يلاحظ الستا علي فضيل أن السياسة فرقت بين التيارات الإسلامية وشتت صفوفهم، فالإسلام يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يسامح ولا يعادي و..و..الخ
رابعا: أراد الأستاذ علي فضيل العربي أن يغلط القارئ (العربي) بإقحامه ما يحدث في الجزائر والصراع حول اللغة التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الهوية، لاسيما اللغة العربية التي هي لغة القرآن، في حديثه في الفقرة الي تلت الأبيات الشعرية وسؤاله إن كان في الجزائر شَعْبَانِ، ربما الأستاذ فضيل لم يفهم ما كنت أرمي إلى قوله، فحديثي هو عن الشتات العربي في العالم العربي وما يعانيه المسلمون من قمع استعماري وتهجير ونفي أو في الحروب الأهلية مثلما نراه في فلسطين وسوريا لبنان والعراق، كذلك بالنسبة للجزائر والأستاذ فضيل عاش الأحداث التي وقعت في الجزائر منذ الربيع الأسود إلى غاية الحراك الشعبي مرورا بالعشرية السوداء، كل هذه الأحداث خلقت الانقسامية بين الجزائريين سواء في الجانب السياسي أو الثقافي (صراع النظام مع المعارضة، الصراع العروبي الأمازيغي والصراع العروبي الفرانكفوني) لكن وللأسف أجد أن الأستاذ فضيل المحترم استعمل عبارة استفزازية بسؤاله: هل في الجزائر شعبان أحدهما عربي والآخر جزائري؟ الحقيقة الأستاذ علي فضيل العربي طرح سؤالا ليثير قضية، أو أنه يريد توريطي في مشكلة ما، الحقيقة لم أكن أنتظر من مثقف أن يؤوّل الأفكار ويميّعها بهذه الطريقة، إلا إذا كانت له غاية معينة، خاصة حديثه عن الكرامة الإنسانية والحياء والقيم الأخلاقية والإنسانية.
خامسا: أمّا عن فلسفة الروائي أمين الزاوي إن كانت مبنية على فلسفة إخوان الصفاء أم لا، أظن أن الكاتب أو الصحفي من حقه أن يطرح اسئلة للتبسيط والتوضيح وللإثارة أيضا، ولدفع الكاتب توضيحها او كشف حقائق مغيبة ومدفونة، أوضح هنا فقك أن الإثارة ليست من أجل الإثارة أو لخلق بلبلة أو زرع الفتنة أو إحيائها، بل لمعرفة ماهي دوافع أمين الزاوي أو كاتب آخر لاستعمال هذا المفهوم بالذات ( الخلاّن) لماذا لم يستعمل مصطلحا آخر كـ: ( الأصدقاء، الرفاق، الأصحاب، الأخيار، الشركاء وغير ذلك) أما استعماله الخلان فهذه الكلمة لها معنى أكثر عمقا، كونها تحمل مفاهيم مذهبية ارتبطت بفرقة من الفرق الإسلامية.
في الأخير:
أ- لقد أراد الأستاذ علي فضيل أن يوظف في مقاله النقدي مفاهيم لا علاقة لها بمقالي ولا حتى رؤية أمين الزاوي لها، عندما تكلم عن الحب والعشق، أراد توظيفه بهدف التمويه ولفت انتباه القارئ بأن المقال فيه نوع من "الرعونة"، فالحب والعشق لا يعني علاقة تربط بين رجل وامرأة فقط، فكثير ما نقرأ عن "عشاق الله" وقد أسهب شعراء الصوفية كثيرا في هذا المجال، ولن أدخل في هذا الموضوع، لأنه سيفتح بابا آخر للنقاش.
ب- أما أنه يرى اني اتبنى فلسفة تلفيقية فهذا شانه فلكل قناعاته، من جانبي ارى أن الناقد الحيادي ينتقد ذاته أولا، قبل ان يسلط لسانه وقلمه على ما يكتبه ويراه الآخر، وجب أن نحترم فكر الآخر حتى لو كنا نختلف معه في كل شيئ أو كان على غير ديننا، وهذه من سمات المثقف الملتزم.
ج- وبخصوص الوسطية أردت من خلال مقالي بأن ألفت القارئ إلى رؤية الزاوي إلى مفهوم الوسطية ومن هم المفكرين الذين يقفون مع المفهوم ومن يرفضونه، في الأخير أقول أن الأستاذ علي فضيل العربي حاول ان يميع بعض الأفكار بغرض التمويه ولا اقول الإساءة وعذرا.
***
علجية عيش
..................
للاطلاع
التلفيقيّة في مقال: أمين الزاوي ناقد تنويري كسّر بفكره وقلمه كل الطابوهات / بقلم: علي فضيل العربي