بأقلامهم (حول منجزه)
جودت العاني: ماجد الغرباوي وهدف التنوير
طالما قرأت الكثير من إنتاجاتكم الرصينة.. واكثر ما شدني هو إقدامكم الشجاع على إقتحام فلسفة التنوير في إطارها الآيديولوجي وفلسفة التحرير في إطارها السياسي.. وهي ساحات لم تكن سهلة، ومع ذلك فقد كان إقتحامكم لهذه الساحات (السياسة والدين) له مغزاه ومدلولاته في مجال الإدراك العقلي وليس فقط في الفكر المحض.. وكنتم دائماً تريدون ان تضعوا أسساً للتنوير وأسساً لإصلاح العقول في واقع يشترط إزاحة المستبد في العقل عن طريق التنوير الذي يستمر الى نهاية التاريخ الذي لن ينتهي هو الآخر.
كنتم ولا زلتم قامة رائدة في هذا المضمار الشائك والمعقد، وإن إقتحامكم كان شجاعاً حتى اذا استمر البحث من اجل إيجاد مقاربات بين السياسة والدين وبين منطق العقل الحسي ومنطق العقل المجرد، عقود من السنين. وتلمست من خلال أطروحاتكم الرصينة تساؤلات تحتاج الى التوسع وإظهار الفرق بين التنوير في الواقع وبين الثورة على الواقع (وأيهما الأولي..؟).. فالكثير من العقول وأنماط التفكير تستخدم في بعض المفاصل الثانوية.. والقليل من العقول تجرؤ على الاستخدام الاساسي وألأمثل الذي يعالج وجود الانسان العقلي، وصديقي العزيز أحدهم بإعتزاز.
الواقع مشحون كما تعلمون بالتناقضات والمشكلات والإشكاليات، وما يهمنا في هذا المجال هو كيف يتخلص العقل من (نفاياته) كما يشير اليه "كولن ويلسون" التي تعمل على التشويش الذهني؟ ومن هذه ما يترسب من إقحام السياسة بالدين وإقحام الدين بالسياسة.
فعندما يستخدم الانسان نسبة عالية من قدرات العقل في مساءل (ثاوية) يستهلك طاقته العقلية دون ان يقدم حلولا لها.. وما يقوله إيمانؤيل كنت (تجرؤا على استخدام عقولكم).!! وأنتم تدخلون هذا المدخل بجدارة وثقة، كما أرى واتابع ما تكتبون، وخاصة وانتم تشخصون خطر الوصاية على العقول وتشخصون الاوهام والخرافات القديمة وهي مكبوت ايديولوجي يتعارض مع المنطق العقلي، وتدعون إلى الخلاص والتنوير، أي التحول من حالة عدم استخدام العقل الى التجرؤ باستخدامة بعد التخلص من تلك النفايات.
***
د. جودت صالح
17/03/2024
....................
* مشاركة (38) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).
رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي