بأقلامهم (حول منجزه)
تماضر آل جعفر: قضايا المرأة في الفلسفة الإسلامية الحديثة
قراءة في فكر الأستاذ ماجد الغرباوي
ماجد الغرباوي، كما هو مثبت في سيرته في صحيفة المثقف وويكيبيديا: باحث بالفكر الديني. يسعى من خلال مشروعه الى: تحرير العقل من بنيته الأسطورية وإعادة فهم الدين على أساس مركزية الإنسان في الحياة. وترشيد الوعي عبر تحرير الخطاب الديني من سطوة التراث وتداعيات العقل التقليدي، ومن خلال قراءة متجددة للنص تقوم على النقد والمراجعة المستمرة، من أجل فهم متجدد للدين، كشرط أساس لأي نهوض حضاري، يساهم في ترسيخ قيم الحرية والتسامح والعدالة، في إطار مجتمع مدني خالٍ من العنف والتنابذ والاحتراب. في ضوء هذا التعريف سأتناول رؤيته بقضايا المرأة المسلمة. أي المرأة التي تستمد من الدين رؤيتها، ومن الشريعة الإسلامية أحكامها.
الفلسفة النسوية
اهتمت الفلسفة النسوية بمبدأين، أولهما نقد التحيّز الذكوري حيثما وجد. والثاني تطوير أخلاق غير متحيزة ذكوريًا. علما أن الإشكاليات التي واجهت ذلك التطوير أغلبها مرتبط بمسألة الدين والشريعة. وهذا يتطلب العودة الى جذرها الديني والأخلاقي أولا لمعرفة حقيقة تلك لاشكاليات في ضوء النصوص المقدسة، وليس التراث الذي هو رأي بشري غير مقدس. وهذا ما فعله المفكر التنويري ماج الغرباوي في كتابَي: "الفلسفة النسوية[1]" وكتاب "المرأة والقرآن[2]". حيث تصدى لزعزعة تلك الإشكاليات بعد نقده للفهم المتداول لقضايا المرأة عامة والنسوية خاص، عندما سلط الضوء على منظومة القيم التي تحكمها، ومدى مطابقتها للقيم الإنسانية والدينية، لتحاشي الاتجاهات الرادكالية المتطرفة التي انجرفت بعيدا عن الأخلاق والقيم الأخلاقية فضلا عن القيم الدينية.
إن أهم محاور كتابَي "الفلسفة النسوية" و"المرأة والقرآن"، هي: الأسطورة ومحددات الوعي. سطوة الفقه، علاقة المرأة بالدين، فهم النص الديني وأثره في النظرة المتداولة حول المرأة وحقوقها ودائرة حريتها وغيرها من قضايا تمس انسانيتها وحقوقها ومكانتها، كموضوع: النسوية ما بعد الكولونيالية، قهر المرأة، الوعي النسوي، النظام الأبوي، العلاقة بين الجنسين، أشكال التحيز والتمييز، قاضيا المرأة في ضوء الشريعة، كالتعدد والحجاب والنشوزر. وغير ذلك كثير ومفصل.
وقد تناول الباحث الغرباوي قضايا المرأة تارة في ضوء النص المقدس، خصوص القرآن الكريم. وتارة في ضوء التراث الذي هو فهم بشري للنص الديني، تتحكم به ايديولوجية القارئ وثقافته وآرائه الفلسفية والفكرية وعقيدته وعلاقته بالسياسية وأشياء غيرها. وهذه قضية مهمة يجب الانتباه لها، فليس كل ما يقوله التراث عن المرأة يمثل رأي الدين بالضرورة، مهما كان مصدره لانه رأي بشري قد يصيب وقد يخطئ، وعلينا الرجوع للقرآن المصدر التشريعي الاول لمعرفة الحقيقية والأخذ بها: (فالقياس - كما يقول الغرباوي - هو القرآن وليس قول المفسر او الفقيه، ومتى ما انتابنا الشك في اقوالهم نعود للقرآن نستنطقه كي نتعرّف على الحقيقة)[3].
يعتقد الباحث أن قضية المرأة قضية عالمية، بمختلف اشكالياتها، وإن كانت بنسب متفاوتة لكن القضايا الرئيسيية واحدة[4]: اضطهاد المرأة، الذكورية، ضياع الحقوق، قمع الحريات، تهميش المرأة، كمال عقلها، قدراتها الادارية، وغير ذلك. فالمفاهيم واحدة مهما تعددت بيئاتها الثقافية والاجتماعية. لكن هناك إشكاليات مرتبطة بالأديان عام والدين الاسلامي خاصة، تولّدت عن آراء فقهية ووجهات نظر اجتهادية تتأثر لا محال بقبليات الفقيه، فجعل الرأي الفقهي من المرأة (جاريةً أو أمَةً)، مسلوبة الحقوق والإرادة، وسلط عليها الذكر كما يمليه عليه فهمه لقضايا المرأة ودورها في المجتمع، فسلبها انسانيتها ذلك الحق الإلهي الذي منحه لها، وجعل منها شريكة لخليفة السماء في الأرض أي الإنسان الذكر، فعهد الله الخلافة لهما وليس للذكر خاصة دونها، لكن رغم ذلك كله حط رجل الدين من قيمتها الانسانية. يقول الباحث: (الرؤية الفقهية المتداولة تستمد شرعيتها من آيات يبدو ظاهرها مع تكريس عبودية الإنسان عامة، وانتقاص المرأة خاصة. أي نظرية العبودية تبرر النظرة الذكورية، والنظرة الدونية للمرأة، ولديها ما تستدل به من أحكام الشريعة. بينما تنقلب النتيجة مع منطق الخلافة، وأن الإنسان أساس الخلق. وما الأحكام إلا لترشيده مرحليا، وفق ملاكات الأحكام، وليست لاستعباده تحت أي مسمى كان)[5]. لقد تعرضت المرأة الى ظلم عظيم في حياتها، ولقد كان ظلم المجتمع للمرأة أهون من ظلم الفقهاء والفلاسفة. بل أن الكثير من الفلاسفة كان أكثر قساوة في أحكامهم على المرأة من الفقهاء[6].
المنطق العبودي
في التفاتة جعلت المفكر الغرباوي يحذو حذو التنويري محمد شحرور فيما سماه: المنطق العبودي حين وصف علاقة الناس بخالقهم، بأنهم: عباد لا عبيد. فهم عباد الله، كما تصرح الآيات بذلك. علاقة الانسان العابد بخالقه علاقة واعية تنطلق من عقلية حرة مميزة. بينما يُقاد العبيد بسلاسل مكتوبة، متوارثة من كتب التراث الإسلامي، الذي دفع المجتمعات الإسلامية والعربية بشكل خاص إلى التمرد التام، ولا سيما المرأة التي ثارت على تلك المقدسات البشرية التي سجنتها عقودا طويلة. كتب موروثة عن التراث اليهودي والمسيحي، طالما عاشت أوربا والغرب في ظلها بظلام كبير، انعكس على وعي المرأة ونظرتها لذاتها وللآخر.
سعى المفكر الغرباوي الى حل إشكالية "عبودية المرأة" من خلال وعيها. وعيها لذاتها وللآخر الزوج / الابن / الاب، باعتبار الوعي لدى الباحث قضية مركزية يعول عليه لتسوية إشكاليات المرأة، وعنده (أن مشكلة التخلف مشكلة وعي قبل كل شيء. والعلاقات غير المتوازنة بين الرجل والمرأة، سببها رثاثة الوعي المشرعن)[7]. أولها اسطورية البنية المعرفية لها، التي احتلت فيها الخرافة واللامعقول مساحة واسعة، وجعلتها تنظر لنفسها نظرة دونية. لا شك، كما يؤكد الباحث أن علاقة المرأة بالأساطير والفلسفة القديمة، محكومة بنظرية العبودية، التي تكرّس عبودية الإله / السيد / الملك / الطاغية. وتسلب الفرد إنسانيته، بعد تكرّيس "تشيئته"، ليكون مستلبا، تابعا. فقيمة الشخص، ذكر أو أنثى، قيمة اعتبارية تسبغها عليه الإلهة / الملوك / السادة / الطغاة. وليس لهم وجود مستقل[8]. هذا ما يفعله المنطق العبودي والذي يحذر منه الاتجاه التنويري دائما، ويؤكد عليه كثيرا الباحث الغرباوي في كتابَي: الفلسفة النسوية وكتاب المرأة والقرآن. كما أنه يرفض تحميل المرأة خطيئة البشرية، تلك الاسطورة التي تتناقلها الاساطير القديمة والكتب التراثية. المرأة تعرضت لمختلف أنواع الاضطهاد، أحدها شيطنتها وتحميلها مسؤولية الخطئية الاولى، فالرجل بطبيعته معصوم لولا غواية المرأة التي أوقعته في الخطئية!!!.
لا شك أن علاقة الرجل بالمرأة أو الذكر بالأنثى مرة بمراحل مختلفة خلال تاريخهما المشترك، ففي العصر الأمومي كانت المرأة تتمتع بمكانة رفيعة حتى صارت آلهة تعبد، وصارت الأنوثة رمزا للخصب والحياة في الأساطير القديمة[9]. ثم خضعت الى سلطة الذكر، وراح يتحكم بها وبمقدراتها. الى درجة بات وعي المرأة مرتهنا لوعي الرجل، ضمن أطر البيئة الثقافية، والنظم الأخلاقية التي قامت على مركزية الذكر ذلك ماذكره الأستاذ الغرباوي وهو يناقش الوضع تاريخيا[10].
وقد سعى في كتاب النسوية الى تصحيح المفاهيم فان معنى كون المرأة آلهة، يقول: (فكونها - أي المرأة في العصر الأمومي - مصدرا للحياة كان سببا لعبادتها، وقدسيتها. كما هو الحال بالنسبة لعبادة البقر باعتبارها مصدرا للخير والعطاء. فألوهية المرأة تكمن في عطائها لا في إنسانيتها، وقدراتها العقلية، وعبادتها لا تعني الاعتراف بإنسانيتها بل لأنها مصدر للحياة، مثلها مثل البقرة. يتضح هذا جليلا من خلال الملاحم والرموز الأسطورية)[11]. ويضيف: (بل أن إنسانية المرأة غير مطروح أساسا، وتبعيتها للذكر أمر مفروغ منه، ضمن ثقافة العبودية، التي كانت سائدة آنذاك، والتي كانت تعيد انتاجها باستمرار، وهي ثقافة لا إنسانية تصادر المرء حريته واستقلاليته، وتجعل منه عبدا مملوكا لسيده)[12].
التأويلات الخاطئة للنصوص الدينية
تكلم الباحث الغرباوي في كتاب المرأة والقرآن[13] عن التأويلات الخاطئة لنصوص القرآن الكريم الخاصة بالمرأة، وكيف أنها عكست صورة سلبية عنها، من وحي تلك التأويلات. فعندما نعود للكتاب الكريم نجده يتحدث عن المرأة الإنسانة، على خلاف ما هو متداول في مجتمعاتنا. فهي انسان اولا وقبل كل شيء. يجب التعامل معها على هذا الأساس. هي شريك الرجل، ورديفه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)[14]، فهما على مسافة واحدة بالنسبة للآية الكريمة، خاطبهما معا مادام أحدهما يكمّل الآخر. وقد ذكر الكتاب أمثلة عديدة عن مكانة المرأة في الإسلام. منها: (خاطب القرآن المرأة كانسان في: جميع الآيات التي خاطبت الانسان بما هو انسان فتشمل باطلاقها الرجل والمرأة، ولا تخصيص له دونها، وهي الآيات التي تتحدث عن الانسان بما هو انسان. وكذلك الآيات التي تخاطب الناس، وليس الناس سوى الرجال والنساء، بدليل الآية المتقدمة، انا جعلناكم شعوبا وقبائل. وكل الآيات التي تنص عليها كمؤمنة)[15]. فاستصغار شأنها ونزع إنسانيتها ليس مصدره النصوص القرآنية وإنما رؤية بشرية تتحكم بها عادات وتقاليد بعيدة عن روح الانسانية. مصدرها الرجل وإن كان مفسرا. رجل ينطلق من رؤية ذكورية للمرأة في تحديد حقوقها ومسؤولياتها.
كما لفت الكتاب نظر القارئ إلى وحدة الخطاب القرآني للرجل والمرأة بشكل متساوٍ في النصوصه. جميعها يتحدث عن إنسانيتهما ودورهما في بناء المجتمع[16]. وأرجع أسباب النظرة الدونية ونقصان عقل المرأة في المجتمع إلى التراث الذي نسب للنبي والصحابة روايات تنقص من إنسانيتها. غير أني أرى أن نسبتها للنبي والصحابة ليست صحيحه. لأن ما يخالف النصوص القرآنية لا يؤخذ به. القرآن أعاد للمرأة حياتها وحرم الوأد. وفرض لها نسبة من الميراث. ومنحها حق اختيار الزوج، وغير ذلك من حقوق حصلت عليها بعد نزول الرسالة المحمدية.
المرأة والوعي
ما زالت المرأة العربية بحاجة إلى ثورة تخرجها من سلطة الرجل والفقهاء ومقدساتهم. وأن تعي ذاتها وإنسانيتها قبل أن يعي المجتمع أهميتها. فهي بحاجة مستمرة الى ثقافة تنويرية تستعيد بها وعيها ودوها الانساني الذي خًلقت من أجله. فالوعي بالنسبة لفسلفة ماجد الغرباوي أمر مركزي، يعوّل عليه كثيرا، حتى ضمنه في مفهوم الفلسفة النسوية. ففلسفته قائمة على الوعي أولاً، لذا يقول في تعريفه لمفهوم النسوية والمهام التي تقوم بها: (تعريفي لمفهوم النسوية - Feminism، وفقا لمفهوم الفلسفة المعاصرة، القائمة على النقد والعقلانية، هو: أنها فلسفة تهذف إلى (تحرير وعي المرأة وإعادة تشكيله وفق رؤية إنسانية عادلة). ليكون موضوعها: (نقد مكونات الوعي وارتهانات تشكيله)[17].
ان مسألة وعي المرأة بذاتها كما يرها هي الركيزة الأهم في تصحيح النظرة إليها ووضعها في مكانها الصحيح ومكانتها كإنسان كامل، لا يعاني من نقص العقل الذكوري، فهي الإنسان الواعي الذي يسعى لبناء مجتمع إنساني سليم التفكير لا يستطيع الفقهاء والحكام التسلط عليه وغبن حقه. ولا نغالي إذ قلنا أن ثورة تشرين عام 2019 كانت صورة واضحة لوعي المرأة العراقية لمكانتها، وخروجها من سجون الفقهاء كان نتاج ذلك الفكر التنويري الذي يملكه وينشره التنويري السيد ماجد الغرباوي. لكن للأسف رأينا كيف عاد العراق إلى النظام الديني المتطرف الذي أعاد المرأة العراقية إلى الهاوية بعد أن كانت قد حازت الصفوف المتقدمة في الفكر والريادة في المحافل الدولية العلمية والسياسية.
هذا التراجع سببه العودة إلى (النظام الأبوي) الذي تتبناه الحركات الدينية. والتي تجعل من المرأة كائن يثري البشرية بالنوع الإنساني فقط من خلال وظيفتها الإنجاب مما يجعلها بحاجة إلى قوامة الرجل أو التسلط عليها بحسب المفهوم الخاطئ للنصوص الدينية التي جعلتها إنسان شأنها شأن الرجل (وفضل بعضهم على بعض) كل باجتهاده.
يختم الأستاذ ماجد كتابه من خلال تساؤل المحاور عن رأيه في حجاب المرأة، كانت التفاتة جميلة أنه وصف الزي والملبس بقوله (يشكّل الزي مائزا يفترق به الإنسان بمعية العقل والإدراك عن الحيوان)[18]. إذ لم يشأ آدم وحواء أن يكونا عراة كالحيوانات وذلك كما يرى بداية الإدراك العقلي للبشر بعد خروجهم من الجنة، ففي سورة طه: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)[19]. ثم يعود إلى غطاء الرأس ليبين أنه يمثل هوية لمن ترتديه. على اعتبار أن الأزياء تمثل هوية الإنسان كفرد إذ أن الأزياء عند الشعوب لا تتشابه بل يتمايز الناس في أزيائهم، وكون الحجاب زي يمثل المرأة المتدينة سواء أكانت يهودية أو مسيحية أو مسلمة، فتعاليم الدين تدعو إلى حجاب المرأة. فانتقل في الإسلام من مجرد كونه يدعو إلى الاحتشام إلى شعيرة دينية غالبا يفرضها رجال الدين والقبيلة بالقوة مما يجعلها تشعر بالتكبيل والقيود والنفور منه، اذ نقل الفقهاء قضية الحجاب من مجرد زي إلى علامة انتماء سياسي أو ديني أو مناطقي، وتبقى مسألة التمسك بالحجاب من عدمه يعود إلى وعي المرأة بالزي الذي ترتديه.
رأيت في فكر التنويري الغرباوي في كتابه المرأة والقرآن نظرة، دبلوماسية، نحو تعدد الزوجات الذي رفضه الكثير من التنويريين، فإن صلاح المجتمع ونظافته من الفساد أكثر صلاحا حين يسمح بتعدد الزوجات . إلا أنه أطلق حكما قاسيا جدا على الرجال ومن يسمح بتزويج المرأة غصبا فاعتبره من الزنا، وأنا أرى أن ذلك صحيح جدا ونحن نرى الآن كيف انتشر تزويج القاصرات غصبا لأسباب اقتصادية والمتاجرة بجسد القاصرة لا يمكن أن يعد إلا من باب الزنا.
الإسلام ثورة، هذا التوصيف أطلقه الكثير من المفكرين من أطلق عليهم صفة علماني أو تنويري، إلا أنني لا أرى أن الإسلام ثورة كون الثورات تتآكل نتائجها بانتهاء رجالها وأثارها لتأتي بعدها ثورات أخرى تصحح المسار، بينما لا يكون ذلك في الدين الإسلامي لأسباب عدة ربما يكون لي شرف مناقشتها مع الأستاذ الغرباوي.
لقد لفت المفكر الغرباوي الأنظار الى مسألة قدسية النصوص القرآنية، وما يترتب على من يؤمن أو لا يؤمن بقدسيته، وكيف تتبدل زاوية النظر: (ثمة من يعتقد بمرجعية وقداسة القرآن مطلقا، في قبال من ينفي عنه ذلك. وبالتالي فزاوية النظر تؤثر في فهم النص بين التأويل والنقد. لكن الجميع يعتقد ان القرآن نص متعال في نسقه الكلي، بلاغيا او في بنائه النصي، او من خلال وسطيته وعقلائيته، او اخباراته التاريخية والعلمية، غرائبيته وتشريعاته، وأشياء اخرى كثيرة. وهذا ليس رأيا شخصيا. وعليه نحن نتعامل مع النص بما هو نص تاريخي، دون انحياز لأي من زاويتي النظر، سواء كان وحيا او تأليفا .. فهذا لا يهمنا حاليا، الا في سياق الأسئلة)[20].
يبقى هدف المرأة الواعية أن تعيش إنسانة حرة، لايقمع أحد شعورها الإنساني ولا يعيدها إلى مفهوم (العبودية) وإنما هي (خليفة الله في أرضه) شأنها شأن الرجل.
إن قضية التنوير التي يتبناها الأستاذ الغرباوي لا تعني عداءه للدين أو رفضه التام لما ورد فيه، بحسب مايظنه المتشددون أو( الراديكاليون المتطرفون) من أن التنوير يدفع نحو إنكار ما جاءت به الأديان. وأهم ماحث عليه أن التنويري عندما يتصدى لقضية نقد القضايا التي تمس مقدسات الناس لابد وأن يكون ملما إلماما تامة بما يقرأ ولديه كل وسائل النقد وآلياته.
***
د. تماضر آل جعفر
بغداد 18/رمضان/ 1445هـ
.........................
[1] - محمد علي، د. محمود، الفلسفة النسوية في مشروع ماجد الغرباوي التنويري، مؤسسة المثقف، سيدني – أستراليا، ودار الوفاء، الاسندرية – مصر، 2021م
[2] - المرأة والقرآن.. حوار في اشكاليات التشريع، حوار د. ماجدة غضبان مع ماجد الغرباوي، مؤسسة المثقف، سيدني – أستراليا، والعارف للمطبوعات، بيروت لبنان، 2015.
[3] - المصدر نفسه، ص 16.
[4] - الفلسفة النسوية، مصدر سابق، ص 15.
[5] - المصدر نفسه، ص 16.
[6] - المصدر نفسه، ص 152.
[7] - المصدر نفسه، ص 27.
[8] - المصدر نفسه، ص 17.
[9] - المصدر نفسه، ص 20.
[10] - المصدر نفسه، ص 21.
[11] - المصدر نفسه.
[12] - المصدر نفسه.
[13] - المرأة والقرآن.. حوار في إشكاليات التشريع، حوار د. ماجدة غضبان مع ماجد الغرباوي، مؤسسة المثقف، سيدني – أستراليا، والعارف للمطبوعات، بيروت – لبنان، 2015م.
[14] - سورة الحجرات، الآية: 13.
[15] - المرأة والقرآن، مصدر سابق، ص 13.
[16] - المصدر نفسه، ص 12 – 13.
[17] - الفلسفة النسوية، مصدر سابق، ص 9.
[18] - المصدر نفسه، ص 206.
[19] - سورة طه، الآية: 121.
[20] - المرأة والقرآن، مصدر سابق، ص 9.
....................
* مشاركة (52) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).
رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي
https://www.almothaqaf.com/foundation/aqlam-10