أقلام ثقافية

شيماء هماوندي: ماري كوري.. قصة نجاح من المعاناة الى جائزتي نوبل

من هي ماري كوري؟

ماري كوري عالمة فيزياء وكيمياء بولندية الأصل، فرنسية الجنسية، وهي شخصية علمية، تميزت بذكائها وإنسانيتها، ومثابرتها، وسطع نجمها في زمن شهد بداية دخول النساء مجال البحث والإكتشاف العلمي، حيث إشتهرت في الأوساط العلمية بإكتشافاتها، وأجرت أعمالاً بحثية رائدة في مجال الفيزياء، والنشاط الإشعاعي، والكيمياء، وهي أول إمرأة تحصل على جائزة نوبل، وتعتبر الوحيدة التي تحصل عليها مرتين، وفي مجالين مختلفين هما (الفيزياء والكيمياء)، وهي أول إمرأة تحصل على رتبة الأستاذية في جامعة باريس، حيث كانت ماري كوري من أهم العلماء في القرن العشرين، وقد تركت إِرثاً علمياً كبيراً من بعدها.

قصة نجاح من المعاناة الى جائزتي نوبل

في عام 1903م، حصلت ماري كوري على جائزة نوبل في الفيزياء مُشاركةً مع زوجها العالم بيير كوري، وإكتشفت مع زوجها عنصرين هما الراديوم، والبولونيوم، الذي أطلقت عليه هذا الإسم نسبة الى بلدها الأصل بولونيا، كما حصلت على جائزة نوبل ثانية في الكيمياء بمفردها في عام 1911م.

تعتبر ماري كوري من بين العلماء الذين كان لهم تأثير على تاريخ العلوم وتطور الحضارة الإنسانية، وقد مهدت الطريق لمساهمة النساء بشكل فعّال أكثر في مجال العلوم، من إنجازاتها وضع نظرية للنشاط الإشعاعي، وإليها يُنسب مصطلح (النشاط الإشعاعي)، كما إبتكرت تقنيات لفصل النظائر المشعة، وتحت إشرافها أُجريت أول الدراسات لمعالجة الأورام بإستخدام النظائر المشعة، كما أسست معهد (كوري)، في باريس وفي وارسو، كما ساهمت في تأسيس اول مركز للعلاج الإشعاعي، وساهمت في إكتشاف عناصر كيميائية جديدة (الراديوم والبولونيوم)، وطورت ماري كوري الإستخدام العملي لأشعة إكس في مجال الطب العلاجي، والذي تم إستخدامه فيما بعد في علاج الأورام السرطانية، وكانت من العلماء الذين يشجعون على الدراسة والبحث والإكتشاف لأهداف نبيلة، وتطوير معارف الإنسان حول الطبيعة لخدمة البشرية، وقد ساهمت إكتشافاتها في تطوير الأجهزة الطبية، مثل الأشعة السينية التي تستخدم اليوم في المستشفيات، وبعد سنين قضتها في الملاحظة والتجريب في المختبرات، إنهار جسدها بسبب تعرضها للإشعاع لسنوات مما أدى الى وفاتها في عام 1934م، تاركةً خلفها إرثاً كبيراً من الإنجازات، والإكتشافات العلمية، وجائزتي نوبل في الفيزياء والكيمياء.

تأثير تجارب ماري كوري وإكتشافاتها في المجال العلمي

إستفاد العالم والمجال العلمي كثيراً من تجارب ماري كوري، حيث كانت تجاربها تشكل ثورة علمية في ذلك الوقت، وقد أدت تجاربها الى العديد من الإبتكارات والإكتشافات العلمية من بعدها،على سبيل المثال: تطوير العلاج بالإشعاع، وتطوير الطاقة النووية، وتطوير الأجهزة الطبية، كما ساهمت إكتشافتها في فهم أفضل للطبيعة، وتأثيراتها الإيجابية والسلبية على الإنسان.

تأثير ماري كوري على فلسفة العلم والأخلاق العلمية

 كان لإكتشافات ماري كوري في الفيزياء والكيمياء تأثير كبير على فلسفة العلم والأخلاق العلمية، والأخلاق البيئية أيضاً، حيث أدى إكتشاف ماري كوري للإشعاع الى إعادة النظر في العلاقة بين فلسفة العلم والأخلاق، والى إدراك العالم ضرورة وجود معايير أخلاقية لبيان حدود العلم وقدراته، وصلاحياته، والمعايير الأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها المخترعون والعلماء في إستخدام الإختراعات العلمية، وضرورة تكريسها لتكون فقط في خدمة البشر ولا تؤدي الى الإضرار بالإنسان والبيئة التي يعيش فيها، مع ضرورة مراعاة المعايير الأخلاقية في الأبحاث والتجارب العلمية، فعلى سبيل المثال إن إستخدام الإشعاع يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية، ولكن سوء أستخدامه له أيضاً تأثيرات سلبية على الإنسان والبيئة التي يعيش فيها، وهذا يطرح العديد من الأسئلة الأخلاقية حول حدود العلم ومسؤولية العلماء والفلاسفة الأخلاقية في حماية الإنسان والبيئة، و يبرز دور الفلسفة في في هذا المجال من خلال ضرورة وضع معايير أخلاقية صارمة تراعي حقوق الإنسان والحيوان، وتضمن حماية البيئة من أي مخاطر بيئية محتملة قد تصاحب الإكتشافات العلمية والبيولوجية. 

***

شيماء هماوندي

في المثقف اليوم