أقلام ثقافية
ربى رباعي: أصداء الماضي

لطالما كان الحنين مرشدًا لي في دروب الزمن المظلمة، يسحبني في خيوط ضبابية، تائهة بين دفاتر الماضي وأحلامي المستحيلة. كلما أغرق في الصمت، أسمع في أعماقي أصواتًا قديمة، همسات من ذكريات كنت أظنها قد غادرت منذ زمن بعيد. كل زاوية من حياتي تحمل شيئًا منك، تفاصيل صغيرة كنت أراها بديهية حينها، واليوم أصبحت جزءًا من قلبي الذي لا يعرف كيف ينجو من ألمه.
أنتِ في كل الوجوه، في كل الأماكن، في كل اللحظات التي تلوح لي حين أغلق عيني، وكأنك جزء من هذا الكون، لا يمكن التخلص منه. أبحث عنك في طيف يمر أمامي، في لحظة شروق، في خيوط القمر التي تتساقط على روحي ببطء. وفي كل مرة أظن أنني نسيت، يعود الحنين ليذكرني بما كنت عليه، بما كنت تملكينه مني.
عينيّ لا تفتأ تتساءل كيف كان ذلك الحلم حقيقيًا في يوم ما، وكيف ضاع بين يديّ كأنه لم يكن سوى سراب. كيف اختفى الأمل في لحظة، ليبقى الحنين فقط، يتجدد كلما لامست روحي لحظة مفقودة. والآن، أعيش بين الماضي الذي لا أستطيع الهروب منه، وبين الحاضر الذي أبحث فيه عن بقاياك.
ولكن ماذا أفعل؟ كيف لي أن أعود؟ هل يمكن أن أستعيد تلك الأيام التي كانت مليئة بك؟ أو هل أصبحت مجرد ذكرى عابرة تمزقها رياح الزمن؟ ربما في عمق الحنين، أكتشف أنني لا أبحث عنك فقط، بل عن نفسي التي كانت هناك، معك، في تلك اللحظات.
***
ربا رباعي - الاردن