أقلام ثقافية

السيد بابلو.. عن رواية أنطونيو سكار ميتا / ترجمة: غيداء قيس

بقلم: أنطونيو سكارميتا

ترجمة: ا. د. غيداء قيس إبراهيم

***

هذه احداث حصلت في رواية للشاعر التشيلي المعروف ب (بابلو نيرودا بالإسبانية Pablo Neruda‏) يطلق عليها رواية "ساعى بريد نيرودا" والتي سردت احداث كثيرة عن حياة الشاعر بابلو والتي كتبها المبدع الكبير أنطونيو سكارميتا.

والرواية تحكي عن صياد شاب يدعى ماريو خيمينث يقرر أن يهجر مهنته ليصبح ساعي بريد فى ايسلانيدرا، بتشيلى حيث الشخص الوحيد الذي يتلقى ويبعث رسائل هو الشاعر بابلو نيرودا، أحد أعظم الشعراء فى القرن العشرين.

ومن خلال هذه القصة شديدة الأصالة، يتمكن الكاتب التشيلى "أنطونيو سكارميتا" من رسم صورة مكثفة لحقبة السبعينات المؤثرة في تشيلي، ويعيد في الوقت نفسه بأسلوب شاعري سرد حياة بابلو نيرودا.

وقد أعجب ساعي البريد "خيمينث" بـ نيرودا، وينتظر بلهفة أن يكتب له الشاعر إهداء على أحد كتبه، وقصيدة حب لحبيبته.

الرواية عبارة عن قصيدة حب طويلة، موضوعها الإنسان بكل ما يحتويه من أفكار متناقضة، فلدينا الشاعر الأشهر (بابلو نيرودا) الذى تعتبره البلدة الصغيرة في تشيلي أيقونة مجدها، ولدينا قصة الحب الكبيرة وبطلتها "بياتريث" حبيبة "ماريو" التي قال لها "إن ابتسامتك تمتد مثل فراشة على وجهك" فاشتعل الغرام في قلبها.

قدم أنطونيو سكارميتا رسمًا واقعيًا للحياة في تلك الحقبة الزمنية المؤثرة في تشيلي، بأسلوب شاعري. تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي من إخراج ميشيل رادفورد في عام 1994، فاز الفيلم بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي في عام 1995.

الحديث من مقتطفات هذه الرواية الرائعة:

- سيد بابلو! ...أنا مغرم

- أعلم ذلك فلقد قلتها مرارا وتكرارا، ما الذي أستطيع أن أفعله لك؟

- عليك ان تساعدني

- بعمري هذا!

- عليك بمساعدتي ...لأنني لا اعلم ماذا أقول لها! عندما اراها امامي لا اقوى على النطق، ولا أستطيع البوح بكلمة واحدة ...فأن لم يكن لديك مانع وبدلا من اعطائي النقود، اريد منك ان تكتب لي قصيدة حب لها.

عندما سمع بابلو كلام الساعي، اتجه نحو الساحل رافعا كلتا يديه للسماء صارخا:

- لكنني لا اعرفها! الشاعر كما تعلم يحتاج الى ان يعرف جيدا الشيء الذي يهبه الالهام، لا أستطيع اختراع شيء من لا شيء!

- اسمعني جيدا أيها الشاعر – أضاف ساعي البريد موجها كلامه الى السيد بابلو – إذا بقيت هكذا تختلق الاعذار من اجل قصيدة بسيطة، فلن تفوز ابدا بجائزة نوبل!

فتوقف لبرهة نيرودا مختنقا لسماعه هذا الكلام، وقال مخاطبا ساعي البريد:

- انظر! ماريو!، اتوسل اليك ان تقرصني لكي اصحو من هذا الكابوس، كم اتمنى أن يكون هذا كابوساً أصحو منه!

- لا اعرف ماذا أقول لك سيد بابلو؟ حضرتك الشخص الوحيد الذي يستطيع مساعدتي في هذه البلدة، لان من فيها صيادين لا يعرفون قول أي شيء.

- عزيزي ماريو، فضولي يدفعني لقراءة التلغراف الذي جلبته لي، هلا سمحت لي بتسلمه؟

أجاب ساعي البريد:

- بكل سرور

- شكرا

ساعي البريد يسأل:

- انه ليس من السويد؟ اليس كذلك؟

- كلا

ساعي البريد:

- هل يحمل اخبارا سيئة؟

- بل مشؤومة! فهم يرشحونني لرئاسة الجمهورية!

- لكن سيد بابلو هذه اخبار عظيمة جدا!

- عظيمة لأنهم قاموا بترشيحي؟ لكن ماذا ان أصبحت بالفعل رئيساً؟

بالتأكيد ستفوز، جميع أناس هذه البلدة يعرفونك جيداً، فمثلاَ، أبي يمتلك كتاباَ واحداَ فقط! وهو لك!

-وماذا يدل على ذلك؟

-كيف على ماذا يدل؟ فأبي الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة لديه كتابك! هذا يعني اننا ربحنا كثيراَ

- ربحنا؟

- بالطبع، فأنا سأدلي بصوتي لك

- أشكر مساندتك لي

عندها وضع نيرودا البرقية في جيب سرواله الخلفي.

أما ساعي البريد فقد كان ينظر للشاعر نيرودا نظرة توسل ولهفة لمعرفة ما سيحصل بعد ذلك.

نظر نيرودا قليلاَ لوجه ماريو متأملاَ، ثم بدأ يحرك راسه يميناَ وشمالاَ قائلاَ:

- أذن هيا بنا الى الخانة للتعرف على هذه المشهورة التي تدعى بياتريث غونزاليس

صرخ ساعي البريد فرحاَ:

- سيد بابلو! هل تمازحني؟

- كلا، فانا أتكلم بجدية، لنذهب الى الخانة انا بابلو نيرودا وانت ماريو خيمينز لكي نحتسي كاساَ من النبيذ معاَ ، حتما هي ستموت من الدهشة عندما ترانا سوية.

فرد عليه ساعي البريد وهو حزين َ:

- سيكون هذا محزناَ! فبدلاَ من كتابة قصيدة غزل لأجلها وهي حية، سنضطر لكتابة قصيدة رثاء، اقراها على قبرها!

***

في المثقف اليوم