أقلام ثقافية

صادق السامرائي: الملوية والشعر!!

من الملاحظات المحيرة أن الشعراء كالبحتري، وعلي بن الجهم، وإبن المعتز، لم يشيروا في أشعارهم ولو ببيت واحد إلى الجامع الملوية!!

فالبحتري الذي رافق البناء منذ بدايته لم يتحفنا بوصف شعري له، بل وصف العديد من القصور ومدح جميع الخلفاء، وقصيدته في البركة الحسناء معروفة، لكنه لم يذكر الملوية في شعره !!

 ترى كيف يصح في الأفهام ذلك؟

كيف يتم إهمال جامعين كبيرين في المدينة، هما الجامع الملوية وجامع أبي دلف، ويتحقق تخريبهما، وينتفي ذكرهما في قصائد الشعراء، وهما يمثلان ثورة معمارية أصيلة، ويتمتعان بجمالية متميزة في ذلك الزمان.

لو كان الحرص على الدين متقدما في الدولة آنذاك، لظهر واضحا في النصوص الشعرية، ولنال الجامعان حقهما من الوصف والتقدير والتعبير عن دورهما في المجتمع، لكن الدين يبدو كان من الدرجات الأخرى، وأن الجامعين كانا مجرد مظاهر لحالة غير موجودة، وإلا كيف يفسر غيابهما من النصوص، وخرابهما بعد أن تحولت العاصمة إلى بغداد، وربما قبل ذلك.

فلا يعقل أن يتحول جامعان بروعة المواصفات المعمارية والأهمية الدينية، إلى خرائب وأطلال، والذين خربوهما المسلمون أنفسهم!!

نعم الذي خرب معالم سامراء بقصورها وجوامعها هم المسلمون، فهل كانوا حقا يعرفون دينهم؟

بقيت معالم الأندلس التي سبقتهما بأكثر من قرن، وتحولت إلى أطلال بائدة مباني سامراء.

إنها الإنتقامية والكراهية، والشعور بالقهر لسيادة الأجانب على الدولة، والنيل من العرب والحط من قبمتهم ودورهم، وتحكم الأغراب بمصائرهم، مما دفع إلى حركة عدوانية على ما يمثل تلك الفترة العصيبة، التي عصفت في سامراء أثناء فوضتها الدموية العارمة.

وحبذا لمن لديه الدليل الواضح أن يدحص المقال، ويزيدنا معرفة ودراية.

"رفعوا القصور على كواهل شعبهم...وتجاهلوا حقا له مشروعا"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم