أقلام ثقافية

نجاة الزباير تمشي نحو أقاصي هضبات الوجود الإنساني

فضاء غير متناهي بدعائم أرستها خلال تجربتها بسلسلة قصائدها الإيمائية وسلسلة دراساتها النقدية التي تنجزها في سياقها المعرفي ومداخلاتها التي تتمحور ضمن أكثر من مستوى وبأدوات تحقق معاييرها المحددة التي تسعى بها إلى الإخضاع الفذ لقوانينها المفتوحة على السموات.

تسير نحو هضاب الوجود الإنساني تبحث عن استراتيجية لانتقاء وتأثيث نصوصها في فضاءات تكشف فيها عن رغبتها في التعبير والتغيير، وفي إرساء تفردها من خلال الغوص في عمق الأشياء وظواهر ومظاهر تبعث على التحفيز والتأمل، تبوح بما تريد عرضه وحفظه من النسيان، تلخص الكثير من الذي يسكن فيها بعيداً عن التبسيط والتعقيد وتحدد مكان إقامته بالتفصيل، في صياغات وسياقات تقترب من الخيال، خيال يمنح نصوصها غنى وثراء .

في قصائدها تختزل المفردات الجمالية حين تطرحها بتداعيات العارفة بسر الحكاية وسر السرد وعلاقاته مع الظواهر الفنية و/ أو الأدبية المختلفة، كعارفة بهموم المعبد وعشق الكهان، وبخطوات كلها ثقة، ودون أن تتعثر برهاناتها، تعيد إنتاج الحياة ونبضها بنصوص جديرة بالانتماء إلى خيالها ومخيلتها التي تأبى مغادرتها، تصر على الهطول بقدوم الريح ودونه وبتأمل طويل تعيد بناء تلك المكونات الملبدة بغيومها التي تشكل الحواس وهي تبصر وتعبر المدى.

تعيد وتعبد طريق المؤثرات الممتعة بقصائدها التي تعيد التوازن للروح بل لروحانية الأشياء كلها حين تتلامس بين بعضها البعض حين تلتقي بأعالي سفر تفاصيل ضلالاتها الطقسية المقدسة التي تزج بها في قصائدها والتي تضم الكثير من المناخات التي تسكن في خيالها ومخيلتها التي تحمل سحر الحياة حين تتداخل فيها التداعيات حين تسرد الوجع والحكايات.

تتحاشى القلق والخوف حين تنفض عن نفسها غبار الأيام، حيث لا مهرب لها إلا قصائدها، تسافر اليها بأحلامها وآمالها وآلامها، تجسد فيها كل لحظاتها بمنهج ونهج إنساني محض بحيث نحس بإيقاعات شاعرة دافئة تجري في نصوصها التي تفرش الحياة التي تلوثت بمعطيات الألم وأنيابه المميتة، بإمكانيات ناضجة ومخيلة متقدة وذكاء حاد تبرز أهمية البهجة الإنسانية في نصوصها الممتلئة بها، بتفاعلاتها ومشاعرها، بتداخلاتها وحسراتها التي تحوي الحريق بصخبه والسكون بذهوله وانذهاله، لخلق غنائية خاصة بها تشعر بها بالاعتزاز والنجاح، وتشعر بمدى دور طاقتها الإبداعية في الانحياز التام لجماليات تعبيرية نابضة بالمفاجأة والدهشة.

لطقسها الشعري السري عزف خاص، تؤكد فيه على قدرتها على ترويض الحرف والمفردة الكائنة في ذاتها الملتهبة بالحلم، الذي تتحول بين أصابعها إلى فيضان شعري يتميز بالصعود والنزول ضمن آلية ترجعها فيه إلى معبدها الذي تمارس فيه طقوس شعرها السرية، تجمع فيه تراكماتها المعرفية لتشكل تحريضاً عذباً لخلق إبداع يليق بخصوبتها وبإمكانياتها المثيرة للنبض، التي تشكل تجسيدا لجمالياتها الشعرية المتدفقة من ينابيعها بنفحات تمنحها نوعاً من التحرر من الشائع والهابط من الشعر بنصوصها غير المدجنة، وغير القابلة للاحتواء لما تحمله من التميز، ولما تطارد فيه من الفتنة حتى تبرز قيمها الجمالية، تجنح نجاة الزباير بخطابها الشعري نحو إنجاز ما يخدم قيمها، قيم جماعة، أو قيم خاصة تحثها على إيقاظ النبيل منهما، المؤمن بالإنسان والحياة .

***

رائف الريماوي - عمان

في المثقف اليوم