علوم

توفيق التونچي: الأمن السايبرنتكي الوطني

Cybernetics

السايبرنتك علم التحكم والتطورات الهائلة في عالم المعلوماتية التي نراه اليوم تعدى جميع التوقعات فهي أمواج متسلسلة تطورية ومتعاقبة لا نهاية لها. الخيال الإنساني في هذا العصر لا يزال محدودا ولا يمكنه حتى تصور ما سوف يكون عليه هذا العالم المخيف في المستقبل القريب.

قبل حوالي أربع عقود وانأ احضر رسالتي للدكتوراه في كلية السايبرنتك الاقتصادي في العاصمة الرومانية بوخارست كان هذا المصطلح السايبرنتك غريبا على العالم تماما. لكن اليوم يتحدث الجميع عن هذا المصطلح ونتائج استخدام تقنية المعلومات الحديثة وصولا الى استخداماتها العسكرية وخاصة تلك التي يتحكم عن بعد بأجهزة الاتصالات وتدخل الى غرف نومنا خاصة ان جميع الأجهزة اليوم تحتوي على جزء من تلك التقنية. كان عالم صناعة السينما وخاصة الأمريكية سباق في طرح العديد من الأفلام والمسلسلات الخيالية والتي باتت اليوم واقع يومي ملموس مثل التلفون الخلوي النقال (الموبايل).

دوائر الأمن ألمعلوماتي في الغرب استحدثت ومنذ سنوات شعب خاصة تعالج المعلومات وتشارك فعليا في الحرب المعلوماتية الغير معلنة والتي تجري رحاها اليوم بين الدول وحتى بين المؤسسات والمصانع الإنتاجية. سنعيش قريبا في عالم يختفي فيها جميع الكابلات (الاسلاك) ونتوج عالم من الاتصالات دون الحاجة الى تلك الكابلات وربما سيكون صعبا في البدا نقل الطاقة دون تلك الأسلاك ولكن التجارب جارية لتطوير طرق جديدة لنقل حتى الطاقة الكهربائية دون أسلاك. اما إرسال الفيروسات والبرامج المدمرة الى الأجهزة المعلوماتية البيتية (التلفزيون) وحتى الشخصية فهي في تطور مستمر. ويمكن في المستقبل في لحظة واحدة قتل المليارات من البشر وذلك بمجرد إرسال برنامج وعبر الأثير الى تلفونك الخلوي ليتحول الى اداة قاتلة للجريمة.

استخدام أنظمة المعلوماتية للجريمة ليست بجديد. وكنت قد أشرت في مواد سابقة لي نشرت على صفحات المثقف مدى تأثير المعلوماتية عند استخدامها للتنمر وعبر الذكاء الصناعي (AI) . اليوم تعمل الشرطة وتعالج ملاين الجرائم من تحايل ابتزاز وسرقة وحتى عمليات اغتيال إفراد والشخصيات. اما الهجوم السايبرنتكي فقد شل عمل العديد من المؤسسات وحتى شركات الطيران والمواصلات. البنوك عادة فتخفي إبلاغ الشرطة بجميع الحوادث خوفا من ان هجر الزبائن لهم. لكننا نرى بان هناك زيادة ملحوظة في عدد المحققين والمحللين في تلك العمليات.

ألمعلوماتية كمنتج جديد يسيطر به الدول المتطورة تقنيا بالسوق العالمية ونرى ذلك جليا في استخدام برامج متطورة جدا حتى في التلفونات الهلوية للمنافسة بين انتاج الدول المصنعة لتلك الأجهزة. بالطبع ان ما يسمى ب البرمجيات (سوفت) لا تزال في طور التطوير ولا يوجد اي توقف في الأفق عكس المواد المكونة للأجهزة (هارد) فهي في حالة من التقدم ألبطيء بعد عالم الكومبيوتر الشخصي وما يسمى بالكومبيوتر النقال (لاب توب).

الشباب من أكثر الطبقات الاجتماعية استخداما للمعلوماتية والأجهزة ووسائط التواصل الاجتماعي المختلفة وهناك من يستخدمها في امور غير قانونية وإجرامية . لكن معظم المؤسسات الأمنية في العالم لا تتماشى مع التطور في هذا المجال وربما تعتبر الولايات المتحدة ومن زمن بعيد قد استغلت موهبة هؤلاء الشباب في خدمة الامن السايبرنتكي وتحليل المعلومات للاستفادة في اتخاذ القرارات في زمن قياسي. الجدير بالذكر ان تحليل تلك المعلومات بسرعة يمكنها ان يفشل العديد من الجرائم وإفشالها قبل حدوثها وحتى الوقاية من حدوثها.

عن طريق الأمن السايبرنتكي بإمكان الدول حماية مواطنيها من اي هجوم محتمل في المستقبل ان كان ذلك الهجوم لأهداف عسكرية، أمنية او مدنية.

المستقبل لهؤلاء الجيل من الشباب العطشى لكل جديد في عالم المعلوماتية والذين باتوا عمليا من ناحية معلوماتهم واستخدامهم للأجهزة والبرامج الحديثة فهم اليوم يكونون عمليا هوة عميقة بين جيلهم وجيل والديهم . يجب على الدول الانتباه إليهم وإعطائهم الفرصة لتطوير مهاراتهم خدمة للمجتمع.

***

د. توفيق رفيق التونچي - الأندلس

٢٠٢٤

في المثقف اليوم