قراءات نقدية
حمزة مولخنيف: الهشاشة الوجودية وتراجيديا الإنسان
تفكيك فلسفي نقدي لجماليات الألم في مسرحية الموت لحضيّة عبده خافي
يحتاج القارئ حين يقترب من عالم حضيّة عبده خافي القصصي، إلى شيء من ذلك الهدوء الداخلي الذي يسبق الدخول إلى صومعة روحية، أو إلى زاوية صوفية يختبر فيها المرء أثر الكلمات قبل أن يختبر معانيها. فالكاتبة لا تتعامل مع الكتابة القصصية بوصفها مجرد تقنية سردية أو تمريناً تخييلياً، بل تتعامل معها ككثافة وجدانية، كفعل شبيه بما سمّاه بول ريكور “جراحة المعنى”، حيث تتحول القصة القصيرة إلى مشرط يشقّ طبقات الألم الإنساني دون أن يبرّر ودون أن يتكلف، ودون أن يلوّن الوجع بأنساق تجميلية.
هنا في رائعتها مسرحية الموت، نكون أمام صوت قصصي لا يبحث عن البطولة، بل يفتّش في الظلال، في المناطق الملتبسة بين الفقد والمسؤولية، بين الصدمة ومحاولة الاستمرار، بين الرغبة في الخلاص وقسوة الواقع الذي لا يهب أحداً فرصة النجاة إلا بقدر ما يمنحه السرد من عدالة رمزية.
وما يميّز هذه المجموعة القصصية أنّها تستمد مادتها من حسّ واقعي مُطْعَم برؤية وجودية حادّة؛ كل نص يشبه مرآة مشروخة تنعكس فيها صور أشخاص محطّمين ومُرهقين ومُنهَكين، لكنهم مع ذلك يمسكون بخيط رفيع من الحياة، خيط لا يظهر دائماً، لكنه موجود، كنوع من “أمل عدمي”، على حدّ تعبير كامو، أمل لا يتأسس على إمكانيّة الخلاص بل على إمكانيّة أن نروي ما حدث على الأقل، أن نقول: “كنّا هنا، وحدث لنا هذا”.
منذ الصفحات الأولى تكشف الكاتبة عن القدرة على التقاط تلك اللحظات التي تتداخل فيها البراءة بالموت، والحياة بالعطب، والأجساد المريضة بالمعنى الروحي العميق. وهي تستثمر لغة عربية شفافة لا تقع في وعورة البلاغة، لكنها تقاوم التفاهة أيضاً، لغة تقف في منطقة وسطى بين الشعرية والواقعية، وبين التكثيف والاعتراف، أشبه بما كان يدعو إليه نيتشه حين تحدث عن “الأسلوب الذي يتنفس”.
تكتب حضيّة عبده وكأنها تعيد ترتيب أنفاس شخص غريق كي يُستعاد إلى الحياة، فلا عجب أن تجد الموت في كل زاوية من الكتاب، لكن موتاً ليس كسردية سوداوية بل كمرآة لتعرية ما يتوارى خلف الأقنعة الاجتماعية والأسرية والنفسية.
القارئ يتلمّس ذلك منذ قصة “كيف العيد؟!” حيث يجتمع المرض بالفقد وبذاكرة العيد في مستشفى يعبره الألم بلا رحمة. تتشكّل القصة كأنها مشهد سينمائي: أمّ بين أنابيب الأوكسجين، كلمة لا تُستكمل، دمعة تتدلّى وتتصلب في الفراغ، وقلم يسقط. لا شيء “دراميّاً” بالمعنى التقني، لكن كل شيء مشحون بتلك الدراما الوجودية التي تحدّث عنها سارتر حين قال: “إنّ التفاصيل الصغيرة هي التي تقتل الروح”. فالرصاصة هنا ليست حدثاً مفاجئاً؛ الرصاصة هي تلك الدقيقة التي تسقط فيها الكلمة على الورق ولا تُكتمل، هي تلك المسافة بين وجه الابن ووجه الأم التي تحجبه أنابيب الهواء.
وتستمر الكاتبة في تشريح الواقع من الداخل، ليس عبر سرد أحداث متلاحقة، بل عبر منظار الإنسان المكسور، الإنسان الذي فقد قدرته على التفسير لكنه لم يفقد قدرته على الألم. ولهذا تقدّم قصة مثل “كان بالأمس!!” لتعيد صياغة وعي القارئ بأنّ الحياة يمكن أن تنقلب رأساً على عقب في ثانية واحدة، وأنّ ما يبدو “يوم عمل عاديّاً” في قسم الطوارئ قد يتحول فجأة إلى مجزرة يخرج منها الناجون لا كأبطال بل كأرواح معلّقة. هنا، تتجلى قدرة الكاتبة على الإمساك باللحظة الحدّية، تلك اللحظة التي تُفقد الإنسان يقينه بسلامة العالم.
ما يثير الانتباه في هذه القصص أنّ الكاتبة، رغم اشتغالها في الحقل الصحي، لا تقدّم “كتابة تمريضية” أو “كتابة مهنية” كما تفعل بعض الأدبيات التي تتحول فيها المستشفيات إلى خلفية جاهزة. بل إن حضور المستشفى هنا وجودي أكثر منه مكاني، كأنّه فضاء للابتلاء الإنساني، مكان يصبح فيه الألم نصّاً، ويصبح فيه الجسد وثيقة عبور نحو المعنى.
إنّ المستشفى في هذا الكتاب يشبه “القبو” في رواية ديستويفسكي، ذلك الفضاء المغلق الذي تظهر فيه حقيقة الإنسان حين يكون بلا دروع.
وتتحول القصص التالية إلى تعميق لهذا الأفق الوجودي. ففي قصة “لو كنت أعرف؟! آه…” نرى الأطفال وهم يتهجّون معنى الموت ببراءة موجعة. الكاتبة هنا لا تستخدم الطفل كعنصر “عاطفي” بل كمنظور فلسفي: الطفل هو الكائن الذي لم تُفسده اللغة بعد، ولذلك تأتي حيرته أكثر أصالة من أسئلة الكبار. إنّهم يتساءلون: ما معنى أن يموت الجد؟ ما معنى أن “تغسل الأم”؟ ما معنى “الصدر”؟ والكاتبة بذكاء تترك الأسئلة مفتوحة، كأنّها تريد أن تقول إنّ اللغة نفسها قاصرة، وإنّ الكلمات لا تملك القدرة على احتواء الحقيقة كاملة. هذا الأسلوب يذكّر بما قاله فيتغنشتاين: “حدود لغتي هي حدود عالمي”، وهنا العالم صغير مضطرب متشوش، كما يراه طفلان في مواجهة الموت.
وفي “القاتل” تنتقل الكاتبة من الوجع الفردي إلى المساحة الأخلاقية النفسية الأكثر تعقيداً: رجل مدمن ينهار بين رغبة الهرب ورغبة الاعتراف، بين حبّه لأولاده وبين انكساره الداخلي، وبين انفجاره وصمت زوجته التي تستنزف ما تبقى فيها من قدرة على البقاء. تخلق حضيّة هنا سرداً متوتراً يشبه ما كان يفعله تشيخوف حين يكتب عن الإنسان الواقعي الذي لا هو شرير تماماً ولا هو بريء تماماً، بل هو أسير ظروفه، أسير ضعفه، وأسير اختياراته التي لا يملك الجرأة على تحمّل نتائجها.
إنّ القارئ وهو يتنقل بين هذه القصص، يشعر أن الكاتبة تتعمد أن تقف على التخوم بين السرد الواقعي والسرد الروحي. فهي لا تكتب عن الحياة بوصفها وقائع، بل بوصفها سؤالاً كبيراً عن معنى أن نكون بشراً. كل قصة مهما كانت بسيطة، تحمل داخلها شرارة من تلك الفلسفة الحيّة التي تحدّث عنها مارتن هايدغر: “الإنسان هو الوجود الذي يسأل”.
وهنا الأسئلة كثيرة موجعة، غير قابلة للترميم، لأن الحياة نفسها – كما توحي الكاتبة – ليست مشروعاً للترميم بل مشروعاً للفهم. ومع ذلك، هناك شيء من الضوء، ضوء خافت بالكاد يُرى، لكنه موجود. هو ليس ضوء سعيد، بل ضوء أخلاقي، ضوء شبيه بما تحدّث عنه إيمانويل ليفيناس: “مسؤولية الوجه الآخر”. ففي قصص حضيّة لا يمرّ الآخر كظلّ؛ بل كنداء أخلاقي. الأم المريضة، الطفل اليتيم، والجندي الممزق، والزوج المدمن، والأم القاسية، والممرضة والعجوز .جميعهم وجوه تستدعي استجابة، وجوهاً تُلزم القارئ بأن يفكّر في مسؤولياته هو أيضاً، لا أن يكتفي بالقراءة. هكذا دون تكلف وعظي ودون تزيين خطابي، تكتب حضيّة عبده خافي عن الإنسان؛ لا الإنسان المثال، بل إنسان اللحظة الأخيرة، إنسان ما قبل السقوط أو بعده بقليل، الإنسان الذي تتسرب من بين أصابعه بقيةُ القدرة على الاحتمال.
هذا العالم القصصي ليس مجرّد خطاب عن الألم، بل هو محاولة لالتقاط تلك اللحظة التي يصبح فيها الألم معنى، وتصبح فيها الكتابة مقاومة ناعمة، مقاومة صامتة، لكنها ثابتة: مقاومة النسيان.
تتابع حضيّة عبده خافي بناء عالمها القصصي من خلال ما يمكن وصفه بـ “المشهد الأخلاقي المُشتبك”، حيث لا يقف النص عند حدود الحكاية بل يتجاوزها إلى مساءلة الذات والآخر والعالم. وهذا الامتزاج العميق بين القص والإدانة الهادئة
- الإدانة التي لا تُنطق مباشرة لكنها تتشكّل من تفاعل اللغة والحدث - يجعل هذه المجموعة تتجاور مع ما سمّاه تزفتان تودوروف “الأدب الشاهد”، أي الأدب الذي لا يكتفي بتشخيص الواقع بل يقدّم شهادة على هشاشته وعلى ما يختبئ خلف التفاصيل الصغيرة التي نظنها بلا أثر.
في قصّة “الشبه الأربعون” ينهض السرد على مفارقة وجودية تُفتح عبرها أسئلة الأبوة والقرابة والانتماء. فالعامل الفقير، الطالب المتعطّش للتحصيل، يجد نفسه أمام نسخة أخرى منه، شبيه يكاد يتطابق معه في الشكل لكن لا يجمع بينهما شيء من المعنى الذي يفترضه الدم والنسب. هنا تتحوّل “المشابهة الجسدية” إلى مرآة قاسية تُعرّي الانقطاع العاطفي والاجتماعي، وتكشف أن الشبه الظاهري لا يعوّض غياب الأب الحقيقي، وأن الجسد - كما يرى ميشيل فوكو - ليس سوى “سطح لتدوين السلطة”، وأن شكل الإنسان وحده قد يحمل كل خيانات التاريخ العائلي دون أن يملك القدرة على قولها.
تنسج الكاتبة هذا المعنى عبر بناء سردي هادئ، لكنه مخاتل في عمقه؛ فكل خطوة يخطوها البطل في المزرعة، وكل كيس حبوب يرفعه، وكل لقطة يلتفت فيها إلى نظرات زميله، تتحوّل إلى علامات على رحلة اكتشاف الذات، لا بمعناها النفسي فحسب، بل بمعناها الاجتماعي أيضاً. فهنا نجد أثر المدرسة الواقعية الاجتماعية، لكنّها ليست واقعية فجة، بل واقعية تقترب من شعرية المشهد، شعرية هشّة تحضر في طريقة وصف الطين، في ارتعاش اليد، في صوت الأم وهي تُقبّل ابنها المرهق.
ثم تأتي قصّة “عشر سنوات.” لتُشيد مرحلة أخرى من هذا البناء الدرامي: مرحلة “الخيبة المؤجّلة”. الزوجة التي عاشت عقداً كاملاً في الوهم، في افتراض الاستقرار، تكتشف فجأة أن سنواتها العشر لم تكن سوى فصل من فصول الخداع. هذا النص يذكّر القارئ بما كانت سيمون دي بوفوار تشدّد عليه في كتاباتها حول “الزمن المهدور في العلاقات اللامتكافئة”، ذلك الزمن الذي تُقدّمه المرأة باعتباره دليلاً على الثبات بينما يراه الرجل مرحلة عبور أو هامشاً على صفحة حياته.
وفي سرد حضيّة، لا تأتي الخيانة بصورتها التقليدية، لا تأتي فجّة أو مليئة بالصراخ، بل تأتي عبر “علامات” صغيرة: سكن جديد لجارة غريبة، تغيّرات في السلوك، أبواب تُفتح ليلاً، جهات لا تُفصح عن وجهتها. هذه التفاصيل ليست مجرد أدوات سردية؛ إنها ما يسميه رولان بارت “شيفرات المعنى المؤجّل”، حيث يُخفي النص الحقيقة ليُظهر أثرها فقط: أثر الارتباك، أثر الشكّ، أثر تلك النظرة التي لا تجد تفسيراً.
ولعلّ المدهش في هذه القصة أنّ “الضحية” ليست المرأة وحدها، بل أيضاً الزمن نفسه. فالكاتبة تنجح في أن تجعل الزمن شخصية داخل النص، شخصية تُستنزف وتُستهلك، تُبادل الحياة بالحضور السلبي. فالسنوات العشر هنا ليست عقداً من الحياة، بل تجويفاً داخل الروح، مكاناً تُحفظ فيه خيبة لا يُعاد تدويرها. وهكذا يتحقق ما يشير إليه غاستون باشلار حين يقول: “الزمن، حين يصبح حزناً، يتحوّل إلى مكان”. وهذا بالضبط ما نلمسه في هذه القصة: الحزن مكان.
ثم تتكرر المفارقة بين الأمل واليأس في قصّة “بقي لي… ذاك ما” التي تكشف عن أبعاد إنسانية أكثر قتامة، لكنها في الوقت نفسه أكثر إشراقاً في مستوى التأمل. مشهد الأنقاض واليد الممتدة، المصوّر الذي يجمع الأشلاء بالنهار ويقوم بدفنها ليلاً، كل ذلك يعيدنا إلى تلك المنطقة في الأدب التي تتأرجح بين الوثائقي والميتافيزيقي، بين الحقيقة الخام والرمزية العالية.
إنّ هذه القصة على بساطتها تضع القارئ أمام سؤال كبير: ما الذي يبقى للإنسان حين يفقد كل شيء؟ هل يبقى الجسد؟ أم الذاكرة؟ أم الواجب الأخلاقي؟ وهنا يأتي صوت الكاتبة وكأنه يستعيد روح إيمانويل كانط، وتحديداً حديثه عن “الواجب الذي يبقى حتى لو انهار العالم”. فالشخصية هنا، الرجل الذي يعمل في المقبرة، يتمسك بالواجب لا لأنه “وظيفة” بل لأنه آخر ما يملك. إنه يتشبث بفعل الدفن لكي يحمي ما تبقى من إنسانيته، كأنّ كل جثة يدفنها هي جزء من روحه هو، كأنه يجمع أجزاءه قبل أن تتناثر بين غبار الحرب.
وإذا كان الألم في هذه القصص يبدو ملموساً وبارداً، فإنّ حضيّة تُصعّد هذا الألم في قصّة “الاعتراف” التي تشتغل على ثنائية الذنب والخلاص. رجل يكتشف بعد سنوات أنه شارك - دون قصد - في جريمة طبّية أدت لوفاة مريضة، فيبدأ النزاع الداخلي الذي يشبه نزاع أبطال دوستويفسكي: الشعور بالذنب يصبح أثقل من الفعل ذاته، والاعتراف يصبح وسيلة للنجاة، لا من القانون، بل من الذات.
وهنا تبرز قدرة الكاتبة على اشتغال فلسفي غير مباشر: ما الذي يجعل الإنسان يعترف؟ القلق؟ الخوف؟ أم الحاجة إلى أن يضع نقطة في آخر سطر لا يحتمل الاستمرار؟
وما يزيد النص قوة هو أن الكاتبة لا تقدّم الاعتراف بوصفه فعلاً تطهيرياً سهلاً، بل بوصفه عملية “تفكيك” للذات، أشبه بما وصفه فرويد: عملية حفر مؤلمة في طبقات الوعي واللاوعي، عملية تستنزف أكثر مما تريح.
بعد ذلك تجرّ القارئ قصة “الصوت” إلى فضاء سردي مختلف، أكثر تشويقاً، أقرب إلى “الرعب الوجودي” منه إلى الرعب الفني. فالبيت المهجور والغرفة المغلقة والأصوات الغامضة، كلها ليست عناصر لإثارة الخوف فقط، بل لطرح سؤال عن العلاقة بين “المكان والذاكرة الخفية”. فالبيوت المهجورة - كما يرى ميرلو بونتي - ليست أماكن، بل “تجلّي لوعي سابق”، ولهذا يتحوّل البيت في القصة إلى كائن حي، إلى ذاكرة تقاوم النسيان، إلى صوت يعيد تشكيل مصير الشخصيتين.
والكاتبة هنا تُظهر قدرة لافتة على التحكم في الإيقاع، بحيث يصبح البطء أداة لإثارة القلق، وتصبح التفاصيل الصامتة
- مثل فرشاة الدهان، والجدار الأحمر، والطفل الذي يمرّ بلا سبب - إشارات إلى أن المكان ملغوم بالمعنى.
إن هذه القصة تكشف جانباً آخر من كتابة حضيّة: ميلها إلى الجمع بين الاجتماعي والغرائبي، بين الواقعي والقَطْعي (الذي يبدو مقطوعاً عن تفسير العقل)، بين اليومي وما فوق اليومي.
وبهذا تقترب من تقاليد القصّ التي نجدها عند كتّاب مثل إدغار آلان بو، أو يوسف الشاروني، أو حتى عند بعض نصوص غابرييل غارسيا ماركيز في أعماله القصيرة، حيث لا تُقدَّم الغرابة كحدث منفصل بل كامتداد طبيعي لوجع العالم.
ثم تنتهي هذه المرحلة من الكتاب بقصة “ع. م. ج.” التي تعيد السرد إلى مستوى التحقيق الصحفي، لكنها تفعل ذلك بعين روائية، فتمنح الجريمة عمقاً أبعد من مجرد الحدث.
هنا يظهر سؤال العدالة: هل كان القاتل ضحية قبل أن يكون جانياً؟ وهل كان المجتمع شريكاً في الجريمة عبر صمته وهشاشته وضعف مؤسساته؟.
الكاتبة تمسك بهذا الخيط لتقدّم نصاً يذكّر بكتابات ألبير كامو حول العبث الأخلاقي، حيث لا يكون السؤال: “من المذنب؟” بل “كيف وصلنا جميعاً إلى هذه النتيجة؟”.
وهكذا يتضح للقارئ، أن حضيّة عبده خافي لا تكتب قصصاً وحسب، بل تكتب خرائط أخلاقية، تكتب تاريخ الألم الإنساني، تكتب تلك المنطقة المجهولة التي تتقاطع فيها الطفولة بالموت، والأمومة بالخذلان، الفقر بالخطيئة، والمكان بالذاكرة، والذات بصورتها التي تتهشّم أمام المرآة.
تتقدم حضيّة عبده خافي في مجموعتها القصصية نحو مستويات أكثر تعقيداً من الإحساس الإنساني، وتبدو كما لو أنها تدخل طبقات النفس واحدة تلو الأخرى، في عملية أشبه بما سماه كارل يونغ “الغوص في ظلال الذات”، ذلك الغوص الذي لا يُقصد به استحضار العتمة فحسب، بل فهم الدور الذي تلعبه العتمة في تشكيل وعينا بالعالم. ففي القصص اللاحقة من الكتاب، تتجلى قدرة الكاتبة على القبض على تلك اللحظة التي يتداخل فيها الحاضر بالماضي، والوعي باللاوعي، والضوء بالبقايا الحارقة لذكريات لم تندمل قطّ.
في قصّة “الخريف الأخير” - وهي من أنضج النصوص في المجموعة وأكثرها دلالية - تخلق الكاتبة فضاءً رمزياً مشحوناً بمجاز الزمن. فالخريف هنا ليس فصلاً، بل “حدثاً داخلياً” كما يعبّر باشلار، حدثاً تُعرّي فيه الشخصية ضعفها، ويبدو العالم من حولها وكأنه يشيخ معها. تتقاطع صورة الأشجار المتساقطة مع صورة الأم التي تنطفئ ببطء، ومع صورة الأب الغائب الذي لا يعود، ومع ذاكرة الطفولة التي تحاول أن تفلت، لكنها تعود كطائر جريح لا يستطيع الطيران بعيداً.
إنّ ما يميّز هذه القصة هو الحسّ الميتافيزيقي الذي تُدار به. فالشخصية هنا لا تواجه “فقداً” عادياً، بل تواجه معنى الفقد، أي تواجه تلك المسافة بين الذاكرة والواقع، بين ما كان يمكن أن يكون وما آلت إليه الحياة. وهنا يطلّ أثر هايدغر من الخلفية: “نحن نوجد دائماً نحو النهاية”. لكنّ النهاية في القصة ليست موت الأم؛ النهاية هي إدراك الابنة أن الزمن لا يكتفي بأن يسرق الأشخاص، بل يسرق أيضاً الصور التي نحملها لهم، كأن الزمن نفسه هو القاتل الصامت الذي يجعل الوجوه أقل وضوحاً كلما حاولنا استعادتها.
وفي قصة “ظلّ الندى” نلمس تحوّلاً واضحاً في البناء الجمالي، حيث تعتمد الكاتبة على صور حسّية أقرب إلى الشعر منها إلى السرد النثري. فالندى يتحول إلى استعارة للروح الهشة التي تُمسح بسهولة، والظل يتحول إلى ذاكرة لا تمتلك مادة، لكنها تملك أثراً.
المرأة في هذا النص تحاول أن تستعيد علاقة حبّ لم تكتمل، علاقة لم تولد إلا نصف ولادة، لكنها تركت جرحاً كاملاً. ويبدو السرد هنا وكأنه يستعير أفكار الفيلسوفة حنّة آرنت عن “هشاشة العلاقات البشرية”، تلك الهشاشة التي تجعل الإنسان معلقاً بين الرغبة في البقاء والرغبة في النسيان.
تكتب حضيّة الألم العاطفي كما لو أنه جرح جسدي. تكتب الحنين كما لو أنه مرض مزمن. لا تتعامل مع الفقد العاطفي كظاهرة رومانسية، بل كعلّة وجودية، كصدى لفراغ لم يتوقف عن الاتساع.
ثم تأتي قصّة “أثر الرصاصة” لتعيد النص إلى منطقة القسوة الواقعية، تلك المنطقة التي يتجاور فيها الموت بالحياة يومياً، حيث يصبح العنف جزءاً من المشهد الاجتماعي. الرجل الذي نجا من الموت بالصدفة، والذي ما زالت الرصاصة “تسكنه” رغم أنها خرجت من جسده، يشبه ما كان يتحدث عنه بول تيليش حول “الصدمة كشرط للوجود”، حيث يبقى الإنسان مصدوماً حتى لو لم يعد هناك خطر واقعي يهدده.
الرصاصة هنا ليست قطعة معدن؛ الرصاصة هي ذكرى، هي طريقة جديدة لرؤية العالم. إنها الجرح الذي لا يُشفى لأن شفاءه يعني نسيانه، ونسيانه يعني أن الإنسان لم يعد يعرف لماذا تغيّر.
وتكتب الكاتبة هذا النص بذكاء دقيق: فهي لا تعطي تفاصيل كثيرة عن الحادثة، لا تحدّثنا عن الجاني ولا عن السبب، لا تدخل في خطابات سياسية أو اجتماعية مباشرة. هي فقط تلتقط “الأثر”: الهاتف حين يرنّ في الليل، الرجفة في الأصابع، العرق البارد، نظرة الزوجة التي تريد أن تفهم ولا تُسأل، صوت المفاتيح، الحذاء الذي يبقى عند الباب.
إنها تفاصيل بسيطة، لكنها تنسج خريطة كاملة لصدمة إنسانية لا تُرى، وتذكّر القارئ بكتابات تشيماماندا أديتشي حين تتعامل مع العنف ليس بوصفه حدثاً، بل بوصفه تاريخاً داخلياً للشخصيات.
وفي قصّة “أنفاس الغياب” نعود إلى أفق روحاني عميق، حيث يختلط الموت بالفلسفة، ويتحوّل الغياب إلى نوع من الحضور الكثيف. شخصية القصة - امرأة فقدت طفلها - تعيش حالة لا يمكن للعقل تفسيرها، لكنها حاضرة في كل الثقافات الإنسانية: محاولة “سماع الصوت الأخير”.
وهنا تبرز براعة حضيّة في الإمساك بما يسميه ميرسيا إلياد “اللحظة المقدّسة”، تلك اللحظة التي ينكسر فيها الزمن العادي ويتحوّل العالم إلى مكان تتقاطع فيه الروح بالذاكرة. تكتب الكاتبة عن الأم التي تسمع في الليل همسات لا تعرف مصدرها، عن رائحة طفلها في الغرفة، عن اللعب الخاوية، وعن ذلك الشعور الملتبس بأن الغياب ليس غياباً كاملاً، وأن فقدان الابن لا يقطع العلاقة بين الأم وطفلها، بل يجعلها أكثر كثافة، أكثر ألماً وأكثر اقتراباً من “الميتافيزيقيا الحزينة للحنين”.
ولا يمكن تجاهل العمق السردي في قصة “إحداثيات الصمت” حيث يتجلى الصمت كعنصر مركزي في بناء المعنى.
شخصية القصة - رجل يعيش عزلة قسرية - لا تتحدث كثيراً، لكنه يسمع كل شيء: الطرقات، أنفاس الجيران، صرير الحديد، صوت الماء على الحائط.
إنّ الصمت هنا ليس غياب الكلام، بل هو حضور مكثّف لكل ما نحاول ألا نسمعه. يشبه الصمت الذي تحدث عنه روبير ساراباج حين وصفه بـ “اللغة التي لم تُنطق بعد”.
وفي هذا النص، الصمت ليس تعبيراً عن السكينة، بل عن الانهيار. إنه الصمت الذي يسبق الصرخة، الصمت الذي يولد حين يصبح الكلام بلا جدوى.
ويبلغ الأسلوب ذروته في قصة “حياةٌ بوزن الريح” التي تُشبه خاتمة فلسفية لهذه المرحلة من الكتاب.
شخصية مُسنّة فقدت بصرها وتعيش في بيت قديم، تعيد ترتيب ذاكرتها عبر الأصوات والروائح واللمس، لا عبر الصورة البصرية.
وهنا يتبدل المنظور السردي: تُصبح الحواس الأخرى بديلاً عن العين، وتصبح الذاكرة بديلاً عن الزمن، وتصبح الحياة نفسها - كما في عنوان القصة - خفيفة هشّة شفافة، كأنها وزن الريح التي لا تُمسك لكنها تُحَسّ.
هذا النص يقارب ما كان يكتبه خورخي لويس بورخيس حين فقد بصره: التحول من العالم المرئي إلى العالم الداخلي، من الخارج إلى الداخل، من العين إلى الفكرة.
إن القصص التي تشكّل هذا الجزء من المجموعة تؤكد أن حضيّة عبده خافي ليست كاتبة تُجيد فقط التقاط الألم، بل تُجيد تحويله إلى معنى، وتمتلك القدرة على “توليد الفلسفة” من الحدث دون أن تفقد سلاسة السرد، ودون أن تقع في التنظير المباشر أو الخطاب المجرّد.
إنّها تكتب عن الإنسان كما لو كانت تقول لنا: ليس المهمّ أن نعرف ما حدث، بل لماذا ما زال يحدث داخلنا حتى الآن.
تتجه حضيّة عبده خافي في القسم الأخير من مجموعتها القصصية نحو ذروة أكثر تعقيداً من الناحية النفسية والرمزية، وكأنّ النصوص تتدرج في عمقها مثل سلّم يقود القارئ إلى قلب الذات الإنسانية في أكثر حالاتها عرياً. هنا، تتكثف الرموز، ويزداد الصمت كثافة، وتتداخل الحكاية مع التأمل، حتى يصبح القارئ أمام أدب يتجاوز “الحكاية” ليصبح بمثابة مختبر روحي يُعاد فيه تشكيل الإنسان عبر لغته وآلامه وأسئلته الكبرى.
في قصّة “تجمّد الماء” - وهي واحدة من أقوى القصص في بعدها المجازي - نرى كيف توظّف الكاتبة الماء بوصفه استعارة للحياة التي تتوقف، للزمن الذي يتجمد، وللشعور الذي يتخشب قبل أن يذوب.
الشخصية هنا تقف أمام صنبور ماء لم يَعُد ينساب، ومع ذلك تستمر في فتحه يومياً، كأنها تتحدى قوانين الواقع، أو كأنها تنتظر “معجزة صغيرة” تعيد الحركة لما توقّف.
إنّ هذه القصة تُذكّر بكتابات فرانتز كافكا في “جدار الصمت”، حيث تلتقي اليومية بالبُعد العبثي، ويصبح الحدث البسيط محمّلاً بدلالات وجودية عميقة.
“تجمّد الماء” تُظهر قدرة حضيّة على ربط التفاصيل العادية بالأسئلة الكبرى: متى تتوقف الحياة داخلنا؟ ولماذا نصرّ على أن ننتظر عودتها حتى حين نعرف أنها لن تعود؟ هذا النص لا يقدّم إجابة، بل يقدّم مرآة، والمرآة ـ كما يقول ميلان كونديرا ـ ليست للحقيقة، بل لأسئلتها.
وتتخذ الكاتبة منحى آخر في قصة “خطيئة اليدين”، وهي قصة تُعالج موضوع الخطيئة لا من زاوية دينية أو أخلاقية مباشرة، بل من زاوية “الخطأ الإنساني غير المقصود”، ذاك الخطأ الذي يبقى عالقاً في الذاكرة كما تبقى الندبة على الجلد.
الممرضة التي ارتكبت هفوة بسيطة أدت لمضاعفات خطيرة تعيش ما يصفه بول ريكور بـ“الذنب الرمزي”، أي الذنب الذي لا يحكمه القانون بل يحكمه الضمير.
وهنا تتجلّى براعة حضيّة في قدرتها على خلق صراع داخلي كثيف دون اللجوء إلى خطاب مباشر. فهي تكتفي بمشهد اليدين: اليد التي تمتدّ للمريض، اليد التي ترتجف في الظلام، اليد التي تحاول النوم فلا تنام.
تبدو اليد في هذه القصة ككائن مستقلّ له وعيه الخاص.
إنها تذكّرنا بما كتبه موريس ميرلو–بونتي عن “الجسد الذي يفكّر”، حيث لا تعود اليد مجرد عضو، بل ذاكرة وأثر واعتراف، وجزء من تاريخ الإنسان لا يمكن فصلُه عن روحه.
ثم تأتي القصة الأكثر شاعرية في هذا القسم، “على حافة الضوء”، حيث تتداخل الرموز بالنور، ويتحوّل الضوء إلى كائن روحي يقود الشخصية نحو سلام داخلي.
هذه القصة تشبه نصوص إيزابيل الليندي في بعدها الروحاني، لكنها أكثر اقتصاداً في اللغة، وأقرب إلى التأمل الصوفي الذي يربط بين الجسد والروح عبر لحظة كشف.
الشخصية هنا تعيش نوعاً من “الإشراق الداخلي”، ليس بمعناه الصوفي الكامل، بل بمعنى الإدراك الفجائي الذي يصفه هانز جورج غادامير بـ“لحظة الفهم”.
إنّ الضوء لا يأتي ليُنقذ، بل ليُنير المسافة بين الألم والحقيقة. والكاتبة تنجح في تصوير هذا التحول عبر جمل قصيرة هادئة، لكنها محمّلة بما يكفي من الدلالات لتُشعر القارئ أنه يشارك في تجربة اكتشاف، لا في متابعة حكاية.
أما قصة “الأسماء التي نسيتُها” فهي بمثابة احتفال بالحزن. نقرأ فيها عن امرأة تفقد ذاكرتها جزئياً، وتبدأ في نسيان أسماء الذين مرّوا في حياتها. لكن المفارقة أنّها لا تنسى الأشخاص بقدر ما تنسى “أسماءهم”، وكأن الكاتبة تريد القول بأن الذاكرة ليست قائمة أسماء، بل قائمة مشاعر. هذا النص يستعيد روح مارسيل بروست في “البحث عن الزمن الضائع”، حيث تكون الذاكرة انتقائية، تحتفظ بما يلامس الجوهر فقط. المرأة هنا لا تتذكر أسماء أبناء عمومتها أو صديقاتها، لكنها تتذكر أن إحداهن كانت تضحك بصوت خافت، وأن أخرى كانت تترك عطرها في المعطف، وأن رجلاً كان يربت على رأسها عندما تخاف. إنّ هذا النص يطرح سؤالاً حاداً: هل نحن أسماء؟ أم نحن آثار؟ وبهذا يتحول السرد إلى تفكير فلسفي في هوية الإنسان. ثم تُنهي حضيّة النص القصصي بقصة “لا أحد يعرف أين وضعت روحي”، وهي أقرب إلى نصّ تأمليّ طويل يشبه مناجاة داخلية. الشخصية تبحث عن “روحها” التي تشعر أنها أضاعتها في مكان ما بين الطفولة والكهولة.
وتعيد القصة إحياء المفهوم الأفلاطوني للروح بوصفها “نصفاً مفقوداً”، لكن بتأويل حديث يجعل الروح تجربة لا جوهراً.
الكاتبة تُبرز في هذا النص عمقاً وجودياً بالغاً، عبر جملة واحدة تُختصر فيها الفلسفة كلها: ”وجدتُ كل شيء… إلا نفسي.”
هذا النص على امتداده القصير، يمثل تتويجاً لمشروع الكتاب كله: الإنسان يبحث… لا يجد… لكنه يواصل البحث.
إنّ مجموعة حضيّة عبده خافي القصصية ليست كتاباً يُقرأ ويُغلق، بل كتاب يُقرأ ويظل مفتوحاً داخلك.
إنها ليست مجموعة قصصية بالمفهوم الكلاسيكي، بل “مذكّرة روحية” حول الألم الإنساني، مكتوبة بلغة تجمع بين الرصانة والشفافية، وبين الحكمة البطيئة وعمق الرؤية.
لقد نجحت الكاتبة في أن تُشيّد بنية سردية تتأسس على أربعة أعمدة:
أولاً: الإنسان بوصفه كائناً هشّاً. هذا المحور تشتغل عليه حضيّة بمهارة خاصة؛ فهي لا ترسم شخصيات قوية أو انتصارات بطولية، بل ترسم الإنسان كما هو: خائفاً مرتبكاً متردداً، لكنه رغم ذلك مستمراً في السير. وهذه الرؤية تذكرنا بطرح فيلسوف الحياة هنري برغسون، الذي يرى أن قيمة الإنسان ليست في قوته، بل في قدرته على تجاوز ما يُقيد حركته.
ثانياً: الألم بوصفه مكاناً للسكنى. في كل قصة، يصبح الألم ليس عارضاً بل بيتاً داخلياً. الألم هنا ليس صدمة فقط، بل ذاكرة ومعنى ومسؤولية. هذا يضع الكاتبة في خطّ أدبي قريب من أدب كواباتا وموراكامي، حيث الألم ليس مصدر ظلام فقط، بل مصدر وعي أيضاً.
ثالثاً: اللغة بوصفها أداة كشف. لغة حضيّة ليست بلاغية، ولا تقريرية؛ إنها لغة بين–بين، لغة تشبه ما كان يريده أدونيس حين قال: “الكلمة ليست حليّة، بل كشف”. إنها لغة تتقدم ببطء، لكنها تُضيء فجوات داخل النص، وتمنح القارئ مسافة للتأمل، لا مجرد مساحة للمتابعة.
رابعاً: الفلسفة بوصفها خلفية غيرمعلنة للسرد. فالكاتبة لا تنظّر، لكنها تُفكّر. ولا تكتب خطاباً، لكنها تُمرّر أسئلة وجودية من خلال حدث بسيط: رصاصة، مستشفى، باب، ماء متجمد، ضوء خافت، صوت في الليل، يد ترتجف. وهذا النوع من الكتابة يجعل مجموعتها تنتمي إلى ما يمكن تسميته “السرد الفلسفي المعاصر”، حيث الحدث ليس سوى ذريعة لفهم الإنسان.
إنّ حضيّة عبده خافي تنجح عبر مسرحية الموت في تقديم نموذج قصصي سعودي وعربي يتجاوز حدود المحليّ، دون أن يفقد جذوره.
تنقل الألم الإنساني في زمان ومكان محددين، لكنها تعالجه برؤية كونية تجعل القارئ - مهما كانت خلفيته - يشعر بأنّ هذه القصص يمكن أن تحدث في أي مدينة وفي أي بيت وفي أي جسد. إنها كتابة تُنصت، كتابة تعرف كيف تصمت حين يجب أن تصمت، وكيف تتكلم حين يصبح الكلام ضرورة روحية.
وبهذا، يكون هذا العمل قد وضع بصمة واضحة في مسار السرد القصصي السعودي، بصمة تُعلن عن كاتبة تمتلك أدواتها وعمقها وجرأتها على دخول تلك المساحات التي يخشى الكثيرون الاقتراب منها .إنها كتابة الألم، ولكن أيضاً كتابة النجاة. نجاة لا تأتي على شكل خلاص خارجي، بل على شكل فهم داخلي :فهم أننا، رغم كل شيء، نستطيع أن نكتب.
وهذا في حد ذاته… شفاء.
***
حمزة مولخنيف







