قراءات نقدية
علوان السلمان: الومضة وتجاوز الخطابية إلى الإيحائية

ومضة
بقلم: يحيى السماوي
قالَ ليْ الأعمى: أنا أرضٌ يبابْ
ليس يعنيني إذ أشرقتِ الشمسُ
أو البدرُ عن الشرفةِ غابْ
ما الذي تخسرهُ الصحراءُ إنْ جَفَّ السرابْ؟
***
الشعر كينونة وتاريخ...
الشعريّة الوامضة… كلام فني مضلل وتعبير جمالي موح يسجل موقفٌا أو إحساسا شعريّا يمّر في مخيلة المنتج فيصوغُهُ بألفاظٍ lموحية محدودة بكم وكيف.. وهي تشكل وسيلة من وسائل التجديد الشعري، أو شکل من أشکال الحداثة التي تحاول مجاراة العصر بالتزامها مبدأ الاقتصاد في الالفاظ والاختزال الجملي والابتعاد عن الوصفية والحذف والاضمار..
وباستحضار النص الشعري الوامض الذي نسجته انامل منتجه يحيى السماوي الذي يبحث عن قوانين الابداع.. معتمدا على خيال مركب يهدف إلى تحقيق وجوده في تكوين موضوعي قائم بذاته.. باعتماه لغة الشعر التي هي (لغة داخل اللغة) على حد تعبير بول فاليري.. وبهذا تكون الومضة تغييراً في نظام التعبير عن الأشياء كما في قول أدونيس:
(بَكَتِ المئذنة
حين جاء الغريب
– اشتراها وبنى فوقها مدخنة)
فإيحاء المئذنة في تجربة المنتج قد يكون السكينة، الأمن، السلام.. ثم يأتي الغريب ليشتري ما لا يباع ويبني فوقه ما يناقض رموزها جميعاً..
قالَ ليْ الأعمى: أنا أرضٌ يبابْ
ليس يعنيني إذ أشرقتِ الشمسُ
أو البدرُ عن الشرفةِ غابْ
ما الذي تخسرهُ الصحراءُ
إنْ جَفَّ السرابْ؟
ان الحديث عن الومضة.. هو حديث عن النزعة البلاغية الشعرية وتجاوز الخطابية إلى الإيحائية وتقنية الانزياح والتكثيف واستنطاق رموز الطبيعة وصورها....
وبذلك قدم المنتج نصا تشكل من لقطات سريعة مفاجئة يلتقطها خيال المبدع من مشاهدات الواقع بعد أن يشكلها فنياً وفق رؤيته ورؤياه، فتأتي حافلة بالغرابة، والدهشة، والإمتاع، والطرافة، والمفارقة. والثنائيات الضدية وكثافة العبارة وعمق المعنى..
***
علوان السلمان
..................
فائدة: ان الومضة الشعرية لاتقوم على شعرية الجملة الواحدة بل على شعرية الرؤيا في إطارها البنيوي. فيرتقي الشاعر باللغة مشكلاً كلمات يرتفع مستواها الدلالي المؤثر في ذات وفكر المستهلك (المتلقي)...
* لوحة الأعمى للرسام والنحات والتشكيلي بابلو بيكاسو 1881 1972