قراءات نقدية

كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية في قصيدة "عطر الروح في رحلة الحب"

للشاعرة فوزيه سليمان - سوريا

1. الأسلوب الأدبي: تُظهر قصيدة (عطر الروح في رحلة الحب) لغة شاعرية متدفقة، تمزج بين العاطفة والخيال في صور شعرية غنية وعميقة. الأسلوب هنا ينتمي إلى الشعر الرومانسي حيث تُصوَّر العلاقة بين الحبيبين كاتحاد روحاني يتجاوز حدود الجسد والمكان. يعكس النص حالة من الاندماج والتوحد بين الذاتين، حيث يصبح الحبيبان كيانًا واحدًا في سماء الحب الأبدي.

2. التراكيب اللغوية:

يتميز النص بتراكيب لغوية بسيطة في ظاهرها لكنها تحمل معانٍ عميقة ومركبة. الاستخدام المكثف للاستعارات والتشبيهات يعزز من تأثير الصورة الشعرية. على سبيل المثال، (لملمت خيوطك من رمال الشمس ووضعتها في عربة الغيم)، تمثل عملية جمع الخيوط وكأنها فعل ملحمي، إضافة إلى رمزية الشمس والغيم التي تشير إلى العلاقة بين الأرض والسماء، والنور والغموض، مما يعزز الفكرة الروحية للعلاقة.

3. الصورة الشعرية:

تغلب الصور الشعرية على النص، حيث تتوالى التشبيهات والاستعارات التي تضفي جمالًا وعمقًا على التجربة العاطفية. تعبيرات مثل (نسقط مثل الريش المتساقط من القمر المسافر) و(نعطر الكون بشعلة حب لا تنطفئ) تنقل القارئ إلى عالم من الخيال البصري والروحي، حيث تتداخل العناصر الطبيعية (الريش، القمر، الغيم) لتشكل لوحة متكاملة عن الحب الطاهر والمستمر.

4. التوازي والتكرار:

تستخدم الشاعرة التوازي بشكل متقن لتعزيز فكرة التوازن والتناغم بين الروحين. فالجمل مثل (روحين متناغمتين في سماء واحدة) و(تلتمس أرواحنا بعضها البعض على شرفات العطر في اتحاد أبدي) تكرّر المفهوم نفسه لكن بأساليب مختلفة، مما يخلق إحساسًا بالانسجام والتكامل بين الحبيبين، ويزيد من شدة الرابطة العاطفية بينهما.

5. المفردات والرمزية:

تُظهر الشاعرة قدرة على استخدام مفردات تحمل بُعدًا رمزيًا يتجاوز المعنى الحرفي. مفردات مثل (الجناح)، (الصقيع)، (الضياع) تحمل دلالات على الضعف، السقوط، والشتات، بينما مفردات مثل (العطر)، (الحب)، و(الاتحاد الأبدي) تخلق انطباعًا عن السمو والرفعة والخلود. هذه المفردات تخلق توازنًا بين المعاناة والمثالية، ما يعكس حالة من الحب الذي يتخطى الصعاب ويعيش في الأبعاد الروحية.

6. الموضوع والمضمون:

الموضوع الأساسي للقصيدة هو الحب العميق والمخلص الذي لا يتوقف عند حدود الجسد أو الزمن. الشاعرة تعكس تجربة حب تتجاوز المظاهر، وتستند إلى العطاء اللامتناهي بين الطرفين. (أحبك أعمق من الجلد) ليس مجرد تعبير عن حب جسدي، بل هو تأكيد على حب روحي وعاطفي يتجذر في الأعماق.

7. الأسلوب الإيحائي:

يتسم النص بالإيحاءات العميقة التي تعكس فلسفة الشاعرة في الحب. فالحب هنا ليس مجرد علاقة عاطفية عابرة، بل هو علاقة تُلهم حياة جديدة وتمنح الأمل والتجدد. التشبيه بـ(الريش المتساقط من القمر المسافر) يوحي بمشاعر الضعف والرحيل، لكن ذلك يكتسب معنى آخر مع تحول الريش إلى رمز للعشق الطاهر الذي يظل يرفرف رغم العواصف.

8. الخاتمة:

قصيدة (عطر الروح في رحلة الحب) تقدم مزيجًا من الرومانسية والروحانية من خلال لغة شاعرية غنية بالصور البلاغية والمفردات الرمزية. الشاعرة فوزيه سليمان تنقل القارئ إلى عوالم عاطفية غير تقليدية، حيث يظل الحب خالصًا وأبديًا في مواجهة التحديات والصعوبات. الأسلوب الإيحائي والتراكيب الشعرية المتقنة يجعل القصيدة تنبض بالحياة وتعكس تجربة حب إنسانية تتجاوز الأبعاد الجسدية.

***

بقلم: كريم عبد الله - العراق

...................

عطر الروح في رحلة الحب

لملمت خيوطك من رمال الشمس ووضعتها في عربة الغيم، استمعت الى روحك وهي تصرخ لأجلي، وسمعتني عندما اصبت بالكآبة لأجلك، روحين متناغمتين في سماء واحدة، نسقط مثل الريش المتساقط من القمر المسافر، نعطر الكون بشعلة حب لا تنطفئ، أحبك أعمق من الجلد، ليس شهوة تتعلق بالمرور في منتصف الطريق، بل عطاء منا للآخر، لننبض بحياة جديدة، اريد ان أعتني بجناحيك حين تهرب أصابعك وتتغلغل في الصحو وانت تحلق، أن اكون بجانبك لأمسك بك إذا سقطت تحت صقيع الضياع والذهاب حتى تلمس ارواحنا بعضها البعض على شرفات العطر في اتحاد أبدي ..

***

فوزيه سليمان - سوريا

 

في المثقف اليوم