قراءات نقدية

كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية في قصيدة "خاصرةُ الرّهبةِ" لسامية خليفة

الأسلوب والصورة الشعرية: القصيدة تعتمد أسلوبًا سرديًا تعبيريًا، مشحونًا بالصور الشعرية الموحية بالحيرة والرهبة. الصورة التي تعكس (خاصرة الرّهبة) تُستخدم لتمثيل مكانة الخوف في الذات، حيث يظهر الشاعر في حالة من الصراع مع الأحلام والواقع. استخدام صورة (الغراب) في إشارة إلى (إدغار) يعزز من الرعب والقلق، ويخلق جوًا يشبع القارئ بتوتر دائم بين اليقظة والكوابيس.

الرمزية والتشبيه:

الرمزية حاضرة بقوة في النص، مثل (غراب إدغار) الذي يمثل الموت أو الخوف الداكن. كما أن (القارب المهترئ) و(شظايا اللاإنسانية) تعبران عن حالة ضعف وعدم الأمان، مما يعكس حالة انهيار الذات أمام قوى خارجة عن إرادتها. الرمزية تعمل على تكثيف المعنى وتحمل مشاعر من العجز والهزيمة.

التكرار والدلالات العاطفية:

تكرار الأسئلة الاستفهامية مثل (لم؟ كيف؟ متى؟ أين؟) يعزز من حالة الشك والضياع التي تعيشها الشاعرة. التكرار هنا يوحي بتأزم داخلي مستمر، حيث تحاصر الأسئلة الذهن ولا تجد إجابة شافية، مما يُعمق الشعور بالفراغ والعجز.

اللغة والمفردات:

اللغة في القصيدة تنطوي على شحنة عاطفية قوية ومفردات معبرة مثل (تسربل) و(التأتآت) و(جثث نازفة). هذه الكلمات تؤكد على معاناة الشاعر الداخلية والصدمة العاطفية التي يمر بها. كما أن استخدام مفردات مثل (شظايا اللاإنسانيّة) و(شريعة الغاب) تعكس الوضع الاجتماعي أو السياسي المليء بالعنف والاضطراب.

البنية والإيقاع:

البنية تتميز بالازدواجية بين الواقع والخيال، حيث يقتحم الكابوس عالم اليقظة. الجمل الطويلة والمتناثرة تُبنى بشكل يخلق حالة من التيه والضياع، مما يعكس التشتت الذهني والمشاعر المتباينة في النص. الإيقاع يعكس الاضطراب الداخلي من خلال التفكك في العبارة والتسلسل المتسارع للأحداث.

الخلاصة:

قصيدة (خاصرةُ الرّهبةِ) لسامية خليفة تُعبّر عن تجربة نفسية مليئة بالتوتر والضياع، حيث تتداخل الأسئلة مع الكوابيس لتُظهِر معاناة شخصية تتأرجح بين الواقع والخيال. اللغة المشحونة بالصور الرمزية تُعمق الانطباع بالاضطراب والقلق، ويعكس التكرار البارز حالة من العجز الداخلي والبحث عن إجابات لا تجد لها مخرجًا.

***

بقلم: كريم عبد الله - العراق

.......................

خاصرةُ الرّهبةِ

لا أدري هل أنا وحدي فقط منْ تتسربلُ بي الأحلامُ لتكملَ أحداثَها في اليقظةِ كما يشاءُ لها؟

كلّما أهربُ من ليالي الصّقيعِ، المرتعدةُ فرائصُها، تلاحقني ليلةٌ نابحٌ كابوسُها، جاثمٌ الرعبُ على عتبتِها كما جثمَ غرابُ إدغار فوقَ بابِ حجرتِه، أرتعشُ فتحوطُني الرّؤيا بأسئلتِها المستفزّةِ المتدفّقةِ من خاصرةِ  الرّهبة أمواجًا لأراني على سفرٍ بقاربٍ مهترئةٍ أخشابُه، أجذّفُ به عبثًا. التأتآتُ تفرقعُ في حنجرتي، تخرج منها الأسئلةُ جريحةً مدماةً، لمَ؟ كيف؟ متى؟ أين، وغيرها، كلّها ماتتْ بعدما شعرتْ بالخزيِ، قد ضاعتْ قيمتُها فلم تلدْ إثرَها أيُّ إجابةٍ تشفي الغليلَ، ومَنْ هم خلفي تركتهم جثثا نازفةً، أو محترقةً ، هؤلاء لم تصبْهم شظايا تأتآتي، بل أصابتهم شظايا اللّاإنسانيّة المغمسة بشريعة الغاب، ذلك هو كابوسي الذي يعرضُ في مسرحياتٍ كلما وصل المتفرجون إلى مشهديّة الجثثِ منهم من يقهقهُ، من يستهزئ ، منهم من يصرخ أو يبكي، ومنهم من يصمت.

***

سامية خليفة/ لبنان

 

في المثقف اليوم