قراءة في كتاب
عباس علي مراد: عرض لكتاب فؤاد الحاج.. الضاد "الصحافة وأدباء المهجر"

في الوقت الذي تتوافر فيه المعلومة على مواقع محركات البحث على الإنترنت، إلا ان فؤاد الحاج يبذل جهداً كبيراً من أجل وضع كتابه الصادر حديثاً، الضاد الصحافة وأدباء المهجر، والكاتب هو ابن مهنة المتاعب ومن هنا جاء اهتمامه في توثيق أعمال الشعراء والأدباء والصحافيين في المهجر، حتى انه جمع معلوماته من خلال مقابلات شخصية مع أبناء وأحفاد الأدباء المهاجرين او من زال منهم على قيد الحياة، بالإضافة إلى اطلاعه على ستة وعشرون مصدراً ومرجعاً، ليخرج الكتاب في مئتين وسبع وعشرون صفحة، وفي ص (29) يقول الحاج إنه عمد الى عدم توثيق جميع المراجع التي اطلع عليها.
لا يدعي الكاتب انه اكاديمياً متخصصاً في تدوين البحوث والدراسات... بل انه باحث عن حقائق تاريخية موثقة لأنه يعتقد ان الصحافي هو مؤرخ مرحليّ، يدوّن الأحداث والوقائع كما شاهدها حسب ما قال في تقديمه للكتاب.
في ص (15) يعرض الكاتب لكيفية صياغة الخبر والقواعد المتّبعة ليطلع القارئ على أن هذه القواعد موظفة لغرض نقل واقع الحدث حيث الصياغة تختلف بين كاتب وآخر، ويلفت الكاتب النظر إلى ان الإعلاميّ مرتهن لسياسة الوسيلة الإعلامية في البلد الذي تبث منه ويمولها... ص (16)
في ص (22) يقول: أن الشاعر الحر لا علاقة له بتلك القيود، فهو حر في تغريده وتعبيره متى شاء وفي الصحافة الحرة يتنفس...
يقدم الكاتب عرضاً تاريخياً للظروف التي أجبرت الشعراء والأدباء والصحافيين على الهجرة خصوصاً من بلاد الشام (سوريا، لبنان وفلسطين) وبشكل خاص إلى مصر لأن هذه البلدان كانت جزءا من الامبراطورية العثمانية، ويركز على الجوانب السياسية والإقتصادية لهذه الهجرة، مشدداً على كيفة مساهمتهم في تأسيس الصحف والمجلات ونشر انتاجهم الثقافي والأدبي، ويذكر أسماء الصحف والذين قاموا بنشرها.
ص (31) يعنون من هم العرب وبسرد تاريخي شيق يلقي الضوء على تاريخهم ويقول: أن العرب أمة أقدم من اسمها الذي تعرف به اليوم، ثم ينتقل بعد ذلك إلى عرض علاقة العرب بالعلوم ص (35)
قبل ان ينتقل الكاتب إلى عرض أسماء ونشاطات المؤسسات والمنتديات الثقافية والصالونات الأدبية التي اقيمت في المغتربات سواء في الأميركيتين الشمالية والجنوبية واوروبا أو في لبنان والعالم العربي ويعنون في ص (37) بالتعريف بما هو الفن.
يعطي الكاتب كل مؤسسة حقها من حيث الأهداف التي أسست من أجلها ونشاطاتها ومن قام بتأسيسها، يحتوي الكتاب على العناوين الكثيرة عن المدارس الشعرية وألوانها، الأدب العربي الحديث، الآداب والعلوم العربية من الذروة إلى الحضيض، واثر الأدب العربي في اوروبا، عوامل تطور الشعر العربي، ويخصص عنوان لمفهوم الشعر ومقوماته الفنية وأنواعه ويعدد أسماء بعض رواد حركة التجديد في الشعر العربي المعاصر.
يعطي الكاتب الزجل مساحة مهمة من الكتاب قبل أن ينتقل إلى تاريخ القصة عند العرب ومراحل كتابتها.
في أستراليا حيث يعيش الكاتب فؤاد الحاج، يأخذ الفصل المخصص للأدب العربي في استراليا حصة الأسد في الكتاب، ويلقي الكاتب الضوء في هذا الفصل على جميع النشاطات الثقافية والأدبية والمسرحية وتعليم اللغة العربية ومدارسها ونشأة الصحافة العربية في أستراليا ودورها والروابط والمنتديات والجمعيات الأدبية مع أهدافها ونشاطاتها وأسماء مؤسسيها.
يشيد الكاتب بالمهاجرين اللبنانيين الذين اتوا إلى أستراليا حاملين معاول البناء وأقلام الكتابة لتكريس امتدادهم الحضاري... من أجل تواصل العلاقات الإنسانية وبناء المجتمع الجديد، ونقل الأمانة إلى الأجيال القادمة... ص(158)
يشدد الكاتب على ان تركيزه على دور الجالية اللبنانية ونشاطاتها لا ينقص من دور وأهمية المهاجرين العرب ص(166).
وإلى جانب إشادة الكاتب بالناجحين إلا انه يلفت النظر ص (193) لفشل بعض المنتديات الأدبية في أستراليا الإستمرار في نشاطاتها، بسبب آفة الخلافات الشخصية بين الأعضاء والتكبّر، التي ترتبط إلى حد بعيد بالذهنية الفردية والأنانية...
لا يسع المرء إلا ان يشكر الكاتب على هذه الوثيقة التاريخية عن دور المهاجرين العرب في التعريف بالثقافة العربية وتحويل مرارة البعد إلى إبداع خالد... كما يقول المؤلف فؤاد الحاج.
أخيراً، الكتاب قيمة مضافة الى المكتب العربية خاصة للمهتمين من أهل الإختصاص أو من القراء العاديين، لانه يجمع الكثير من المعلومات في مكان واحد.
***
كتب عباس علي مراد