قراءة في كتاب

توفيق التونچي: زينب بنت علي بن ابي طالب.. قراءة معاصرة

صدر كتاب الأستاذ زهير كاظم عبود والموسوم زينب بنت علي بن ابي طالب، قراءة معاصرة ب ٢٢٤ صفحة، عن دار لاماسو للنشر في السويد، ٢٠٢٤ .

 الكتاب دراسة قيمة بمنهجية وحيادية عرف به باحثنا الكريم. ﻧﻐﻮر معه الى اﻋﻤاﻖ حوادث ماساوية حصلت عند ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﻴ ﺔ ﻭانعكاساتها في العصر الحاصر.

شخصية السيدة زينب مرتبطة ببيت النبي محمد ﷺ من كونها بنت الإمام علي عليه أفضل السلام من ناحية ومن ناجية اخرى بواقعة الطف في صحراء كربلاء واستشهاد اخيها الإمام حسين عليه الصلاة والسلام.

المرويات التاريخية التي وصلتنا حول سيرتها تكاد كلها كتبت بامر الحاكم الأموي ولصالح توجهاته او جاءتنا متاجره من الناحية الزمنية والبحث سيكون شاكا في مصداقية ونوايا تلك الكتابات والحيادية في موضوع متنازع عليها لحد يومنا هذا وقلة الوثائق البحثية.

بدا يشرح لنا الباحث البيئة التي ولدت فيها بطلة كربلاء زينب وتفاصيل حول مجتمع  ﻗﺮﻳﺶ ابان ولادتها. يشرح بإسهاب الثقافة والأعراف التي كانت سائدة في مجتمع ما قبل وابان بزوغ شمس الإسلام في الجزيرة العربية. ثم يبحث في تفاصيل نزول الرسالة المحمدية ومدى أهمية العائلة الهاشمية وموقفها المساند للنبي خلال السنوات الأولى والمعروفة تحت تسمية" المكية". ثم يعرج الباحث ليحدثنا عن السيرة الذاتية للعقيلة " زينب" وزواجها من ابن عمها عبد الله بن جعفر. ومع اﻧﺘﻘال العائلة اﻟﻌﻠﻮﻳ ﺔ ﻣﻦ المدينة المنورة الى مدينة اﻟﻜﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮاﻕ كمقر للخلافة، التي ﻜﻠﻴﻒ الامام علي بالخلافة تتغير حياة زينب حيث تنتقل العائلة مع أبيهم الى الكوفة. وبعد سرد تاريخي للوقائع والصراع والنزاعات التي ابتلت بها الأمة وصولا الى مقتل الإمام علي ومبايعة الحسن ثم الحسين للخلافة والصراع الأموي والعباسي على الخلافة سرد تاريخي طويل لثورة الحسين ومبايعة اهل العراق له يصل بنا الى مفترق الطريق عند صحراء كربلاء وماسي يوم عاشورا.

يقول الباحث:

" ﻭﺗﺮﻛﺰ اﻟﺴﻴﺪة "زﻳﻨﺐ" على أهمية البيعة ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺷﺎرﻛﺖ على ﻧﺤﻮ ﻓﻌﺎﻝ في ﺗﺄﺳﻴﺲ الموﻗﻒ اﻟﺴﻴاسي اﻟﺜﺎﺑﺖ، ﻭتحملت  ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻬﺎ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ والاجتماعية، ﻭداﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺑﺎﻟﺜﻮرة الحسينية. أﻧﻪ ﻻ مجال ﻟﻘﺒﻮﻝ اﺳﺘﺌﺜﺎر ﻋﺎﺋﻠﺔ بالحكم ﺗﺘﻨﺎﻗﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ بين أﻭﻻدﻫﺎ، ﻭأﻥﱠ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﺪﻳﻨﻲ يحتم ﻋﻠﻴﻬﺎ المعارضة لانها تجد ان الأمويين غير مؤهلين لها، ﻭأ ﻥﱠ اﻷﻣﺔ ﺗﻌﺮﻑ أﻥ ﻻ ﺣﻖ لهؤلاء على ﻗﻴﺎدة اﻷﻣﺔ لأنهم ﻟﻴﺴﻮا ﺑﺎﻷﻓﻀﻞ".

ولمعركة كربلاء ويوم عاشورا فصل كامل في الكتاب يعتمد على مصادر التاريخية الموثقة حول الموضوع كالطبري وابن كثير والموسعة الإسلامية والبلاذري وابن سعد واخرون.

 ﻟﻌﻞ "زﻳﻨﺐ ﺑﻨﺖ علي" ﻭاﺣﺪةﹲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﺴﻮة اللواتي ﺧلدن ﺑﺼﻼﺑﺔ كما لم تخلد الحركات السياسية على امتداد التاريخ من مواقف لنساء صعدن الى المشانق في عصرنا الحديث بشجاعة وهن يزغردن من اجل نصرة الحق وإعلاء كلمة المبادئ، كما يقول الباحث.

حيث تمكنت ان تلتقط العديد من جوانب  شخصية والدها الإمام وشقيقها الثائر الحسين.

 ﺗﻮﻓﻴﺖ السيدة زينب ﻣﺴﺎء اﻷﺣﺪ/15/ ﻣﻦ رﺟﺐ ﺳﻨﺔ/62 ﻫـ/ ﻭتم دفنها ﺑﻤﺨﺪﻋﻬﺎ ﻭﺣﺠﺮا في دارها اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ من و ﻗﺘﻬا ﻣﺴﺠﺪﻫﺎ المعروف اﻵﻥ في القاهرة.

الكتاب كما عليه كل الكتب التي تستوحي مادتها عن المرويات التاريخية سيكون حتما هناك من يؤيد ما ورد فيه وآخرون ممن سينتقدون الكتاب. في جميع الأحوال يعتبر البحث خطوة الى الامام وفعلا قراءة معاصرة لباحثنا الكريم.

لا بد الإشارة الى المراجع والمصادر المهمة والقيمة في ختام الكتاب والتي اجاد الباحث قراءة نصوصها واستنباط القرارات الصائبة الحيادية في هذا الموضوع التاريخي.

انه فعلا كتاب جدير بالقراءة والتمعن والتفكير في تلك الرحلة المأساوية في حياة بطلة كربلاء وانعكاساتها.

***

عرض: د. توفيق رفيق التونچي

.........................

* ﺻﻮرة اﻟﺼﺨﺮة اﻟﺘﻲ ﻭ ﺟﺪﹶت ﻋﻨﺪ ﻗبر السيدة "زﻳﻨﺐ" ﺑﺪﻣﺸﻖ، ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﻧﻘﻠﻪ السيد محمد  ﻛﺎﻇﻢ اﻟﻘﺰﻭﻳﻨﻲ" ﺑﻜﺘﺎﺑﻪ" زﻳﻨﺐ ﻣﻦ المهد الى اﻟﻠﺤﺪ"

 

في المثقف اليوم